HTML مخصص
05 Apr
05Apr

كان هدف الكهنة والفريسيون واضحا في التخلص من شخص الرب يسوع، الذي جذب إليه الجميع، وانحسرت بسببه شهرتهم وسطوتهم على الشعب. فلهذا، وبسبب قوة هذه المعجزة، جمعوا مجمعا والنية مسبقة في التخلص من المسيح.


ولم يكن أمامهم سوى صياغة الأسباب التي تعضد قرارهم، وتبرره أمام أنفسهم وأمام الشعب.

فتفتق ذهنهم إلى سبب سياسى واهٍ جدا، وهو أن تبعية الجموع للمسيح، ستستفز الرومان وتثير القلاقل، فتكون النهاية هي إبادة الأمة اليهودية.

إلا أن أكثر ما يدينهم، هو اعترافهم نفسه بأن السيد يصنع آيات كثيرة.

وبدلًا من أن يقودهم هذا إلى الإيمان به، طلبوا أن يقتلوه.



† ولعل خطية تبرير الأحكام والتصرفات، نقع نحن فيها أيضا، كما صنع الكهنةوالفريسيون، ونهتم بما نخدّر به ضمائرنا ويحسّن من صورتنا أمام الناس، متناسيين الله الديّان الحقيقي، فاحص قلوب وأفكار كل البشر... طوباهم الذين اهتموا بتبرير ضمائرهم أمام الله فقط...

"طوبى لمن لم يقض عليه ضميره ولم يسقط من رجائه"
(سيراخ ١٤: ٢)

كان قيافا رئيسا للكهنة، وكان قريبا بالجسد لحنّان رئيس الكهنة الأسبق. وكانت مدة رئاسة قيافا للكهنوت ١١ عاما، عاصر فيها كل أحداث السيد المسيح، وكان معروفا في التاريخ اليهودي إنه جاهل وقاس القلب.

"أنتم لستم تعرفون شيئًا": هكذا بدأ قيافا حديثه، محتميا في منصبه السامى في أعين الباقين، وكمقدمة إيحائية أن ما سوف يدلى به هو رأي الله، لأنه من فم الكاهن تطلب الشريعة.

فتقدم، كرجل دين وسياسة، مقدما ما يريح الضمائر "إنه خير أن يموت إنسان واحد -حتى لو كان بارًا- عن الأمة بأسرها." وما قدمه قيافا هنا، كان الصيغة التي يبحث عنها الجميع من أجل إراحة ضمائرهم.

لم يكن قيافا نبيًّا بالحقيقة، بل وضع الله على لسانه ما يشير إلى قصد الله وتعيينه السابق، فقد استخدمه الله هنا للإعلان عن مجريات الأمور.

أما ما جاء في (ع ٥٢)، وهو الموت عن باقي العالم لجمع أبناء الله، فهذا خارج حديث قيافا، وهو استطراد للقديس يوحنا، يستكمل به إعلان قصد الله بأن موت المسيح لم يكن لفداء الأمة اليهودية فقط، بل لفداء العالم كله؛ وهذا ما جاء على لسان المسيح نفسه في (ص ١٠: ١٦) "ولى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتى بتلك أيضًا."

هذه كانت نهاية جلسة الكهنة والفريسيون، فالقرار صار واضحا، وما تبقى هو التشاور في كيفية التنفيذ والقبض على المسيح.

انتهت الجلسة، وتناقلت الأخبار، وعلم الكثيرون بقرار المجمع السرّي.

ولما كانت ساعة المسيح لم تأت بعد، وهو العالم الوحيد لوقتها، آثر السيد الحكمة عن إعلان نفسه، فمضى بعيدا عن مكان الأحداث الملتهبة، وذهب إلى مدينة أفرايم، وهي مدينة تُعرف باسم "الطيبة" الآن، وتبعد نحو ٢٠ كم.

شرق أورشليم ونواحى برية الأردن.
يبدأ القديس يوحنا هنا في نقلنا إلى الفصل الأخير من إنجيله، فهو يعد القارئ بالمشهد الأول للفصح الأخير، بتدفّق اليهود من جميع أنحاء اليهودية إلى أورشليم، قبل الفصح نفسه بأيام، وذلك حتى يستعدون للفصح بتقديم ذبائح التطهير، لأن الناموس منع المنجسين من لمس خروف الفصح أو أكله، فالتطهير كان لازما، وخاصة لكل من تنجس.


† أخي الحبيب... كان اليهود حريصين على طاعة الله بوجوب التطهير قبل الاقتراب من خروف الفصح، الذي هو رمز لذبيحة المسيح الحقيقية... فماذا عن أناس منا يقتربون لجسد إلهنا الحقيقي، والتناول منه، دون أن يتطهروا أيضًا بالتوبة الحقيقية الروحانية، وبممارسة سر الاعتراف الذين ينالون فيه حلا وغفرانا وتطهيرا، ليس بماء أو برش دم حيوان، بل بالروح القدس الله المحى والمطهر؟!


في هذين العددين فريقان يطلبان الرب يسوع، وإن اختلفت النوايا والمقاصد؛ فالفريق الأول: هو الشعب البسيط، الذي يتلهف لرؤية هذا البار الذي صنع كل هذه الآيات، وخاصة آية إقامة لعازر من الأموات.

أما الفريق الثاني: فكان دافعه هو التربص من أجل القبض عليه، تمهيدا لمحاكمته وقتله.

وهذه الآية توضح الحكم الذي استقر عليه المجمع .


/خادم كلمة الربّ/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.