HTML مخصص
22 Mar
22Mar

وُلد نيكون في نابولي بإيطاليا.

وكان أبوه وثنياً، وأمّه مسيحيّة.

وكان مترقياً في الجنديّة في أيام داكيوس قيصر.

وكان يوماً في حرب وقد هاجمه الأعداء ، فكاد ينهزم أمامهم.

فرسم إشارة الصليب على وجهه، وهتف من أعماق قلبه :

"يا سيّدي يسوع المسيح، إله أمي أعِنّي!".

ووثب على الأعداء وأعمل فيهم السيف.

فإنتصر عليهم وبدّد شملهم، فتعجّب الناظرون من شجاعته وفوزه بالنصر.

وجاء يخبر أمّه بمَا جرى.

ففرحت به وعانقته وشدّدته في إيمانه.

ثمّ ترك العالم وسار إلى القسطنطينيّة.

وأتى جزيرة سامس حيث إعتزل في جبل هناك، منعكفاً على الصوم والصلاة سبعة أيام وإعتمد وبقي متنسّكاً.

ولمّا إشتهرت قداسته إنضمّ إليه مئة وتسعون ناسكاً.

فرقّاه الأسقف إلى درجة الكهنوت ثمّ إلى الأسقفيّة، وأقامه رئيساً ومدبّراً لأؤلئك النسّاك.

فأعلمه الله أن الوثنيّين سوف يجتاحون غانة، فخاف وإنتقل بجماعته إلى إيطاليا حيث زار والدته التي ماتت بين يديه.

ولمّا أثار داكيوس الإضطهاد الشديد على المسيحيين، وشي بالقدّيس نيكون وجماعته إلى كونتيسيانوس والي جزيرة صقلية.

فأرسل جنوداً قبضوا عليهم فجاهروا بإيمانهم بكل شجاعة.

فجلدوهم بالعصي، ثمّ قطعوا رؤوسهم، وعددهم مئة وتسعة وتسعون راهباً.

أمّا القدّيس نيكون فربطوه وأحراقوه بالمشاعل.

ثمّ شدوه إلى خيل غير مروضة، وجروه على الأرض حتّى تحطّمت عظامه.

ثمّ قطعوا رأسه، ففاز بإكليل الشهادة سنة ٢٥٠.

صلاته معنا. آمـــــــــــين.




وفي هذا اليوم أيضاً :

تذكار القدّيسة رفقا الراهبة اللبنانيّة
(١٨٣٢- ١٩١٤)


أبصرت رفقا النورَ في حملايا، إِحدى قرى المتن الشمالي في لبنان، سنة ١٨٣٢، وكانت وحيدة لواليدَيها التقيين: مراد صابر الشُّبُق (الريس)، ورفقا الجميّل. ودعيت "بطرسيّة".

توفيت والدتها وهي بعمر سبع سنوات.

في سنّ المراهقة، بدت بطرسيّة فتاةً جميلةَ الطلعة، حلوة المعشر، خفيفة الروح، رخيمة الصوت، تقيّة وديعة، فأمالت إليها الأنظار.

ثمّ حزمت أمرها على قرارِ أن تعتنق الحالة الرهبانيّة.

وذهبت إلى دير سيّدة النجاة في بكفيا لجمعية المريّمات، حيث دخلت دير الإبتداء في أوّل كانون الثاني ١٨٥٣، وهي في ربيع العمر، ثمّ لبست ثوب الإبتداء يوم عيد مار مارون ١٨٥٥. فبدت مبتدئة رصينة وناضجة، فوثق بها معلّموها، وأَرسلوها تسهر على فتيات موظّفات في معمل حياكة في الشبانية، وتُؤمّن لهنّ، في الوقت عينه، التعليمَ الديني.

فقامت بمَهمّتها خير قيام.

ثمّ نقلتها السلطة إلى دير غزير حيث نذرت النذور الرهبانيّة المؤقتة في ١٠ شباط ١٨٥٦.

ومكثت الأخت بطرسيّة في دير غزير سبع سنوات حيث عُهدت إليها خدمةُ المطبخ وقد تعبت فيها كثيراً.

حوالي سنة ١٨٦٠، قام بعض آباء الرهبانيّة اليسوعيّة بأعمال رسالة روحيّة في دير القمر، وكانت الأخت بطرسيّة، مع راهبة أخرى، تَصحبانِهم وتقزمان بتعليم الأَحداث التعليم الديني.

وفي تلك الأثناء، حدثت مَذابح دير القمر الشهيرة.

وفي أحد الأيام، بينما كانت الأخت بطرسيّة مارّة في البلدة، شاهدت بعض الجنود البرابرة يطاردون بخناجرهم المُسنّنة ولداً صغيراً ليذبحوه.

فلمّا رآها هرع إِليها مُلتجئاً، فخبّأَته على الفور بردائها الرهبانيّ، وخلصته من وحشيتهم البربرية.

وبسبب ذلك الإضطهاد، لم تَطُل إِقامة الأخت بطرسيّة في دير القمر، فأَرسلها رؤساؤها إلى مدرسة جبيل فأقامت فيها سنة؛ فإكتشف أَهل جبيل مواهبها وإنتشرت شهرتها في المدينة، فعلم بها السيّد أنطوان عيسى فطلبها من رؤساؤها مع راهبة معاونة لتعلّما الأحداث في قريته معاد.

أِجابت الجمعيّة طلبَه وأرسلت إليه الأخت بطرسيّة مع رفقية لها، ففتحتا مدرسة في القرية المذكورة ضمّت ستّين بنتاً.

ومكثت الراهبتان تُمارسان التعليم سبع سنوات، وكانت رسالتهما ناجحة جداً.

وَحَدَثَ أَن حُلّت جمعية المريمات، فأَلهمها تعالى أَن تدخل في الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، في دير مار سمعان القرن، قرب أيطو، وهو دير مخصّص للرهبات اللبنانيّات المحصّنات.

فقُبلت الأخت بطرسيّة على الفور في الدير ولبست ثوب الإبتداء في ١٢ تموز ١٨٧١؛ ثم نذرت نذورها المؤبدة في ٢٥ آب ١٨٧٢، وأخذت لها إسم الأخت رفقا في الرهبانيّة الجديدة تيمّناً بإسم والدتها المتوفاة.

وبعد أن عاشت الأخت رفقا أربع عشرة سنة في دير مار سمعان القرن، وهي تتمتّع بصحّة جيّدة، وكانت مثالاً حيّاً لأَخواتها الراهبات في حفظ القوانين والصلاة المتواترة والعمل الصامت، شعرت في قرارة نفسها وبإِلهام من الروح القدس أَن العناية الإلهيّة تدعوها إلى المزيد من التضحية وبذل الذات، فدخلت كنيسة الدير في يوم أحد الورديّة الكبير، وهو الأحد الأول من تشرين الاول ١٨٨٥، وجثت أمام القربان الأقدس وأَخذت تصلّي وتقول :

"إلهي، لماذا تركتني؟ إلهي، لماذا أنت بعيد عني؟ لماذ لا تزورني وتفتقدني بمرض أُظهر لك به كامل محبتي، وبه أكفر ذنوبي وخطاياي وخطايا الآخرين؟"

والله الغنّي بكلّ رحمة (أفسس ٢/٤) إستجاب سؤالها للحال.

فمنذ ليل الأحد الأول من تشرين الأول ١٨٨٥، شعرت الأخت رفقا بوجع أليم في رأسها أَخذ يمتدّ فوق عينيها كشهب نار ويستقرّ في مُحجَريهِمَا، ورافقها وجع العينين أكثر من إثنتي عشرة سنة، وإنتهى بها إلى عمى لازمها ست عشرة سنة أخرى.

ولمّا أرسلتها رئيستُها إلى بيروت للمعالجة برُفقة المرحوم صالح ضومط من معاد، عرّجت على أنطوش الرهبانية في جبيل، فإلتقت هناك طبيباً أميركياً، عرضت عليه عينها اليمنى.

فحكم بإجراء عمليّة جراحيّة لها.

وفي أثناء العمليّة، كان حاضراً الأب أسطفان من بنتاعل، فطلب ان يُبنّج لها الطبيبُ عينَها تخفيفاً للالم، أَمّا هي فلم تَرضَ، وحدث أنه خلال العملية، إقتلعَ عينها برمّتها، ووقعت أمامها على الأرض وهي تختلج.

فقالت الأخت رفقا :

"مع آلام المسيح. سَلُمَت يداك أيّها الطبيب. آجرك الله".

ولمّا إنتهت العمليّة، سألت الأب أسطفان: هل أعطيتَ الطبيب أُجرتَه؟ فأجابها :

"أَتريدين أَن تدفعي له أُجرته لقاء قلع عينكِ؟".

ومكثت الأخت رفقا في دير مار سمعان القرن ستًّا وعشرين سنة متواصلة.

وعندما قرّرت السلطة العليا في الرهبانيّة تأسيس دير مار يوسف جربتا – البترون، سنة ١٨٩٧، فَصَلت ستَّ راهبات من جمهور دير مار سمعان، وأرسلَتهن إلى الدير الجديد، وكانت الأخت رفقا إِحدهنّ، وكانت عينها اليسرى في آخر عهدها بالنور.

وبعد سنتين من وصولها، إنطفأ هذا النور نهائياً، فأمست الأخت رفقا عمياء، وبدأت، على عماها، مرحلة أخرى جديدة من مراحل جلجلة آلامها الفادحة.

وفي ذات يوم، قالت الأخت رفقا لرئيستها الأم أرسلا ضومط:

"إني أشعر بوجع مؤلم في جنبيّ، كأَنَّ رؤوسَ حراب تُغرز فيهما، وبوجع أيضاً في أصابع رجلي أُحسّ كأنها تتقطع".

وبدأ جسمُها، من جّراء هذا الألم ، يضعف ويهزل رويداً رويداً ما عدا لون وجهها، فقد بقي مشرقاً وضّاحاً.

ومنذ ذلك الحين، عجزت عن الوقوف ولازمت الفراش.

وإنفكّ وركها الأيمن وحاد عن مركزه، فأمست لا تستطيع تحريك رجلها اليمنى، ولا طيّها.

وإنفكّ عظم رجلها الأخرى.

وشهدت إحدى الراهبات، قالت :

"لم تكن تتحرّك في فراشها دون أن تحرّكها الرهبات. وأَذكر أني ساعدت يوماً رفيقاتي في إنهاضها لتفيير ثيابها، فإنفكّ جنبها.
فقالت بلطف ودون تذمر: يا أُختي، وجعني جنبي.

فنظرنا فإِذا بجنبها مخلوع عند زرّ الورك، وقد نفر من محّله، وعظم كتفها شكّ في رقبتها وخرج من موضعه. وكانت تشعر من هذا الكتف بألم شديد.

وكانت خرزات ظهرها منظورة، ويمكن عدّها واحدة فواحدة.

ولم يَبقَ عضو صحيح في جسمها غير مخلَعي يديها اللتين كانت تحوك بهما جوارب وملبوسات بالصنارة، وهي تشكر الله لإِبقائه يديها سليمتين لتشتغل بهما هرباً من البطالة".

وسألتها يوماً الرئيسة :

"ماذا يوجعك؟ فأجابت: وجعي في كلّ جسمي، وهو داخل عظامي وفي نخاعها.

وقد صارت عظامي نخرة كإسفنجة؛ وبعد موتي ترون صدق ما أقول".

رقدَتْ رفقا برائحة القداسة في ٢٣ آذار ١٩١٤، ودُفنت ببساطة في مقبرة الراهبات بين أشجار السنديان؛ وعلى عكس ما حدث لجثمان القدّيس شربل الذي حُفِظ سليماً، فإِنّ جثمانَها ذابَ وهي لا تزال حيّة.

لذا وُجِدَ حين كُشِفَ عليه عظاماً نخرةً كالإشفنجة.

فقوّة الله التي حفظَتْ جثمانَ شربل بعد وفاته خِلافاً لسُنّة الطبيعة، هي نفسُها سمحَتْ بأن يَتَلفَ جسمُ رفقا في حياتها، فيما أبقَتهُ صالحاً لاإتحاد النفس به.

وكانت حياتُهُ فيه على خلاف نظام الطبيعة.

إِنّ صيتً القداسة الساطع، الذائع، الذي شُرِّفَت به رفقا في حياتها، زاد انتشاراً بعد وفاتها، أَثبتتهُ مع الأيام، الآياتُ العٌلويّةُ المتعدّدة والمتنوّعة.

لذلك، فُتحت دعوى تطويبها، وبوشرت التحقيقات بإشراف السلطة الكنسية، سنة ١٩٢٦، ووقّع البابا بولس السادس بيده إفتتاح الدعوى، في ١ حزيران سنة ١٩٦٨.

ولّما إنتهت مراسيم المرحلة الثانية من الدعوى، أمرَ البابا يوحنا بولس الثاني بإصدار قرار حول بطوليّة فضائلها، في ١١ شباط سنة ١٩٨٢.

وفي نهاية المرحلة الثالثة، أصدر قداستُه، قراراً بتعيين يوم ض٧ تشرين الثاني سنة ١٩٨٥ لإعلانها طوباوية، وفي ض٠ حزيران سنة ٢٠٠١ أعلنها قدّيسةً للكنيسة الجامعة.
صلاتها معنا. آمـــــــــــين.


#خدّام الربّ

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.