HTML مخصص
20 Dec
20Dec

حكم الفريسيون كما الكثيرين بيننا على أنفسهم بالاعدام الروحي، أغلقوا أبواب قلوبهم ونوافذ عقولهم في وجه يسوع وهو قائم بينهم.

شاهدوه بأمّ العين ولم يروه.
لمسوه بأيديهم وما شعروا به. كلّموه مباشرة وسمعوا صوته
ولقساوة قلوبهم أنكروا وجوده.


نور العالم كان في بيت لحم وجميع أهلها لم يروه ومن رآه وأبصر نوره كان من الخارج.

دخل يسوع إلى بيت لحم وخرج منها وسكانها لم يعرفوا من أين جاء ولا إلى أين ذهب، حكموا عليه بمقاييس البشر فأغلقوا الأبواب في وجهه ومرّت عليهم ليلة الميلاد وهم في ظلمتهم قابعين وفي موتهم ثابتين.

"إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب، ويتكئون مع ابراهيم واسحق ويعقوب فى ملكوت السموات. وأما بنو الملكوت فيطرحون فى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان".
(متى ٨ : ١١ ، ١٢)


هكذا أتى المجوس الغرباء من الشرق البعيد والرعاة المنسيين في العراء والمنبذين من أهل المدينة إلى لقاء يسوع في مغارة بيت لحم وأبصروا نوراً عظيماً، ارتووا بحضرته من السلام المفقود في الارض وشبعوا برؤيته من الرجاء الصالح لبني البشر، كل ذلك حصل على غفلة من أهل المدينة.

لا نزال نعيش تلك الغفلة الروحية إلى يومنا هذا، لا نعرف من أين أتى ولا إلى أين توجّه، يقرع بابنا ولا نفتح له، يخاطبنا فنصم آذاننا، يُقدم لنا ذاته في الافخارستيا فنخرج كما دخلنا دون أي تبديل.

هو نورنا ونحن في ظلام، هو ماؤنا الحي ونحن عطاش، هو خبزنا النازل من السماء ونحن جياعٌ ننتظر الْفُتَات الَّذِي "يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِ" هذا العالم.

رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا لبنان ورغم القلق الذي يقض مضاجع الناس، خصوصا القلق المهني مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والنقدية وتعثر معظم المؤسسات وصرف الموظفين، والقلق على المستقبل من الأمراض وسلالات جديدة من الأوبئة والجوع والموت، والقلق من الحرب وتهديد سلامة المواطنين في صحتهم وحياتهم وجنى عمرهم... رغم كل الخيبات التي قد يصاب بها الإنسان ورغم الظنّ إلى حدّ اليقين أن لا أملاً في الافق ولا رجاء على هذه الأرض.

لكن في دقائق قليلة يتدخل الرب ليغير كل شيء، بكلمة واحدة منه تتحول المستحيلات الى ممكنات، بلمسة واحدة منه يشفي جراحاتنا العميقة، بنظرة واحدة منه يملأ حياتنا نورا حقيقيا نابعا من الداخل.. يجعلنا سعداء حتى وان كنا في وسط العاصفة...

في هذه الأيام، سيشعّ نور عظيم من داخل البيوت التي ظنّ أهلها أن الظلام دائمٌ لا محالة وخاب أملهم من وعود الكثيرين لكن في لحظة واحدة وضعوا كل رجائهم بالرب، وأنشدوا في سرّهم مع صاحب المزامير :

"أحبك يا رب يا قوتي.. لأنك أنت تضيء سراجي.. الظلمة أيضا لا تظلم لديك والليل مثل النهار يضيء"

(مزمور ١٨ / ١ و ١٣٩ / ١٢ )


ميلاد مجيد


/الخوري كامل كامل/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.