HTML مخصص
17 Dec
17Dec

تجسّد الربّ يسوع المسيح، آدم الثاني، في ملء الزمن ليخلّص العالم من الخطيئة.

هذه الخطيئة جاءت بسبب عصيان آدم الأول الذي إختار أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر.

أي أنّه سلّط نفسه مرجعاً بدل الله: هو الذي يحدّد ما هو الخير وما هو الشر وليس الله.

فكان سقوط الإنسان.

وهذه تبقى معضلة عالمنا المعاصر.

في الحقيقة لا وجود للأخلاقيّات بمعزل عن الحق المطلق الذي مصدره الله.

كل من ينفي وجود هذا القانون الإلهي عليه أن يفتّش في مكان آخر: قد يقول أنه المجتمع أو العادات والتقاليد أو الدولة أو الحاكم المتسلّط... وبالتالي عليه أن يتحمّل نتائج هذا الإختيار.

كل هذه النظريّات البديلة تدعي أنّ القانون الأخلاقيّ هو من صنع الإنسان ، إذن لا وجود لقانون مطلق للأخلاق وعلى الشخص أن يقرّر هذا القانون لنفسه أو أن يوكل أشخاصاً آخرين كي يختاروا له ما هو الخير وما هو الشر الأخلاقي.

في الحقيقة هذا الرفض للحق المطلق في مجتمعاتنا يزعزع كل إستقرار أخلاقي من أساسه.

لأنه ينتج حقائق وقوانين أخلاقيّة نسبيّة ومجتزأة.

هذه النسبيّة الأخلاقيّة تقول أنّ كل شيء مفيد هو جيّد أخلاقياً.

في هذا السياق يبرّر مؤيدو اليوجينيا Eugenisme مثلاً إبادة المجروحين في ذكائهم أو من لديهم إعاقة جسديّة بحجّة أخلاقيّة هي تحسين الجنس البشريْ.
أو يبرّر مؤيدو الموت الرحيم Euthanasie السماح بقتل الناس بحجّة أنّهم أخلاقياً يحترمون خيارهم الحرّ ورغبتهم بالتخلّص من الحياة.

لقد سبق وحذر البابا فرنسيس مراراً من النسبيّة هذه وقال أنّ الحريّة الدينيّة وحريّة الضمير تواجهان اليوم أيديولوجيتين متناقضتين لكنهما خطيرتان:

النسبيّة العلمانيّة والراديكاليّة الدينيّة.

ما نريد قوله أنّ القوانين الأخلاقيّة لا تأتي من الضمير لكن الضمير يفترض مسبقاً قانوناً مطلقاً.

الضمير ليس قانوناً في ذاته لأنه ليس مستقلاً وقائماً في ذاته.

إنّ تكوين الضمير يتأثّر بعدّة عوامل متأتّية معاً من تركيبته ومن محيطه التي تؤدي غالباً إلى رؤية ملتوية للقانون.

وحده القانون الإلهيّ المطلق يمكنه تصحيح هذه الرؤية.

كيف يكون ذلك؟ بتضافر جهود المكرّسين والعلمانيّين معاً وبالتجذر في الإيمان الرسوليّ والقيم الإنجيليّة.

هذا الأمر يتعذّر في المجتمعات المستغنية عن الله والحق المطلق والمكتفية بذاتها.

يا ليتنا في زمن الميلاد نجدّد أوراق إقامة المسيح، رئيس السلام، في أوطاننا وفي قلوبنا كي يملك على حياتنا فتصطلح أحوالنا ويكون لنا سلاماً مع الله.


"لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ."

(إش ٩: ٦)

ولد المسيح هللويا!


/جيزل فرح طربيه/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.