HTML مخصص
10 Aug
10Aug

أهمّ لحظة في القدّاس الإلهي هي ليست عندما نقتبل يسوع في المناولة المقدّسة!


بل هي في شكر الربّ على عطيّته هذه وكل فوائدها.

وهي أيضاً الوقت الذي نفتح فيه قلوبنا له ونسأله النِعم ونعطيه الوعود.

مع ذلك، من الشائع عند المؤمنين مغادرة الكنيسة بعد تناول القربان مباشرة، وقبل أن ينتهي القدّاس.

والأكثر شيوعاً أنّ غالبيّة المؤمنين الذين يبقون حتّى ختام القدّاس يغادرون حالاً بعد أن يغادر الكاهن المذبح.

ذلك يرجع إلى عدم وجود معلومات عن أهميّة الشكر النهائي!




ما أهميّة البقاء للشكر في نهاية القدّاس؟


القدّاس هي ليتورجيا تحدث في السماء، عندما أشارك فيه أصبح جزءاً صغيراً من السماء، إلى جانب الملائكة المجتمعين حولي ممجّدين الله.
ممّا يعطيني الإمكانيّة أن أكون قادراً على التحدّث مباشرة مع الله كما سأفعل يوماً في السماء.

يرتبط القدّاس مباشرة بالحياة والرسالة المسيحيّة، لدرجة أنٍّ نعمة البركة الختاميّة ترسلنا لننشر ما تلقّيناه.

وفقاً للتعليمات العامة لكتاب القدّاس الروماني، الإحتفال الإفخارستي يحتوي على أربعة أقسام:

رتبة الدخول، ليتورجية (خدمة) الكلمة، ليتورجية القرابين، وطقس الختام.

لذلك، فإنّ القدّاس لا ينتهي بالمناولة المقدّسة ولكن بالطقس الختامي.

وهذا الطقس له عدّة مراحل: إعلانات قصيرة (عن قداديس وإحتفالات قادمة إن وُجدت)، بركة الكاهن (ليبارككم الرب الإله القادر على كل شيء، بإسم الآب والإبن والروح القدس)، صرف الشعب (إذهبوا بسلام المسيح)، تقبيله المذبح، وخروجه من الممر المركزي أو الجانبي.

بعدها فقط يمكن للمؤمنين أن يتحرّكوا.
مع ذلك، انتشرت هذه العادة السيّئة التي هي أن نترك الكنيسة بعد المناولة، والتي تُفقدنا عنصراً هاماً من حياتنا الروحيّة ، وهو الشكر ..



لماذا حدث ذلك؟

منذ زمن كانت المناولة المقدّسة حدث عظيم لأنّها كانت تتمّ مرّة واحدة في الشهر.

إهتّم المؤمنون بإعداد أنفسهم بعناية لهذه المناسبة، وكذلك لتقديم الشكر على حصولهم عليها.

وكان لا بد لهم من التناول بخشوع.

ثم أصبح من الإمكان التناول اليومي.
هذه هبة عظيمة بلا شكّ، لكنها أنتجت التعويد.
والتعويد أفقدنا بعض الخشوع، والإمتنان، وحاجتنا إلى تقديم الشكر للّه.

أنظروا ما قال الربّ يسوع للقدّيسة فوستينا عن رغبته بهذا الخصوص:

"أخبرني يسوع اليوم بعد المناولة، كم يرغب أن يسكن في قلوب البشر.
«أريد أن أتحدّ بالنفوس البشريّة وإنّ إبتهاجي هو في هذا الإتحاد.
إعلمي، يا إبنتي، أنّني عندما آتي إلى قلب بشريّ في المناولة المقدّسة، أملأ يديّ بكل أنواع النِعَم التي أريد أن أعطيها للنفس.
غير أنّ النفوس لا تعيرني أي إهتمام.

فتتركني وحدي لتنشغل بأمور أخرى.
كم أنا حزين لجهل النفوس للحب. تتعامل معي وكأنني شيء جامد». (الفقرة ١٤٨٥)"

يريد الربّ يسوع منّا أن نشكره بعد المناولة، أن نبقى دقائق معدودة بعد إنتهاء القدّاس لنرفع له الشكر في قلوبنا، وبالمقابل فإنّ يديه مليئتين بالنِعم التي يريد أن يسكبها علينا.

هذه النِعم نحن نخسرها كلّما أسرعنا بالخروج من الكنيسة دون أن نشكر الرب.

أهمّ لحظة في القدّاس الإلهيّ وأثمنها هي بعد المناولة.

بعدما تلقّنينا القربان الأقدس، تصبح قلوبنا وأجسادنا لفترة قصيرة أجزاء صغيرة من السماء.

يسوع المسيح إبن الله الحي معنا بإنسانيّته المدهشة وألوهيّته المعبودة.

نصبح بيوت قربان حيّة.

إله السماوات والأرض يسكن داخلنا.

أجسادنا تتحوّل إلى معبد الله المتجسّد.

التناول المقدّس هو لحظة ثمينة لوحدنا مع صديقنا الإلهيّ.

هذا هو السبب في أنّ سلوكنا يجب أن يكون بإعطاء الشكر في حديث بسيط معه :


١- نرحّب بهذا الصديق – يسوع المسيح.

٢- نُظهر له إمتناننا ومحبّتنا.

٣- نُطلعه على مخاوفنا وهمومنا في تلك اللحظة.

٤- نضع حياتنا بين يديه.

٥- نسأله أن لا يتركنا، وأن يرافقنا أثناء النهار وخلال حياتنا.

٦- نُخبره بأننا نثق به ونسلّم بين يديه أمر خلاصنا والوصول إلى الحياة الأبديّة.

٧- لا ننسى أن نتوجّه أخيراً بالشكر أيضاً إلى سيّدتنا مريم العذراء أمّ الإله وسيّدة القربان الأقدس على مرافقتها لنا وحمايتنا.



القديس فيليب نيري


هناك قصّة تُنسَب للقدّيس فيليب نيري، والتي تروي أنّ أحد أبناء الرعيّة الورعين كان يحضر القدّاس كل يوم ويغادر مباشرة بعد أن يتناول القربان المقدّس مهملاً أهمّ لحظة في القدّاس الإلهيّ.
لكي يحلّ المشكلة، طلب القدّيس فيليب من إثنين من الأولاد الذين يخدمون المذبح أن يسيروا إلى جانبَي الرجل حاملين شموع مضاءة، حالاً بعد تناوله، وأن يرافقوه إلى باب الكنيسة.

بعد عدّة مرّات شعر الرجل بالإحراج الشديد وسأل القدّيس لماذا أمرَ بذلك.

فأجابه القدّيس فيليب أنّه عندما يغادر الكنيسة، يكون المسيح لا يزال حاضراً فيه، وعليه أن يكرّم حضوره بالشموع المضاءة.

خجل الرجل من نفسه وجعله تفسير القدّيس يبقى بفرح لعدّة دقائق في الكنيسة بعد القدّاس لتقديم الشكر للرب يسوع على مجيئه إلى قلبه.


إذاً، من الخطأ ترك القدّاس مباشرة بعد أخذ المناولة، دون الشكر.

لأننا حاملين معنا وفينا حضور الله الحسّي.


هبنا يا رب القوّة كي نشكرك ليس في الصلاة فقط بل في كل عمل نقوم به خاضعين لمشيئتك….. آميـــــــن †



/الأب أنطوان يوحنّا لطّوف/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.