HTML مخصص
30 Jul
30Jul

جلس وحيداً على مائدة معدة لشخصين.

أتى النادل و سأله :

"هل تطلب العشاء الأن؟ ... لقد مرّت ساعة وأنت تنتظر".

إبتسم الرجل برقّة و قال :

"لا، شكراً، فسأنتظرها. ولكن هل لي من فنجان شاى؟".

"حالاً يا سيدى".

عاد الجرسون مرة ثانية ليملأ فنجان الشاي مرّة أخرى، وسأل :

"هل من خدمة أخرى يا سيدى؟".

"لا، شكراً".

ومع ذلك إستمرّ النادل واقفاً كمن يحاول أن يقول شيئاً، لقد أثاره حب إستطلاعه، فقال بحذر :

"لا أقصد التطفل ولكن..........."

"ماذا تريد أن تقول؟".

"سيدى لماذا تُكلف نفسك كل هذا العناء؟ إنك تأتي إلى هنا يومياً وتنتظر بدون فائدة".

أجابه بهدوء وبنبرة لا تخلو من الحزن :

"لأنها تحتاجني".

"سيّدي، لا أقصد الإهانة.. ولكنّها لا تُظهر هذه الحاجة مطلقاً........... لقد تغيبت عن موعدها أربع أيام هذا الأسبوع فقط".

بدت علامات الألم على وجه الرجل وأجاب :
"نعم، أنا أعلم"

"ومع ذلك تأتي إلى هنا يومياً و تنتظرها؟!".

"لقد قالت كاترين إنها ستحضر".

الجرسون معترضاً :

"مع إحترامي يا سيّدي، ولكنّها دائماً تقول ذلك ولا تفِ بوعدها، لو كنت مكانك لما صبرت .......... لماذا تصبر أنت عليها؟".

رفع الرجل عينين مملوءتين حناناً وقال بإبتسامة عذبة :

"لأنّي أحبّها جداً".

وهنا صمت النادل وإنسحب وهو يفكّر في نفسه، كيف يمكن لأحد أن يحب فتاة تتخلّف عن موعد خطيبها أربع مرّات في أسبوع واحد ......... نظر إليه وهو يضع ملعقة سكر فى فنجان الشاى ويُقلبه ......... ربما تتميّز هذه الفتاة بفضائل رائعة جداً تجعله يتمسّك بها بشدّة، أو أنّه يحبّها فعلاً بما لا يعبر عنه، ولدرجة أنّه لا يرى مدى لا مبالاتها به.

كان الرجل يأتى يومياً ينتظرها، ولكنها كثيراً ما تخلفت عن موعدها. كان يتألم، ولكنه أيضاً كان ينتظرها بشوق كل يوم جديد، قائلاً في نفسه....... ربّما تتذكر الميعاد وتأتي اليوم.

في داخله كلام كثير ولكن الأهم إنه يريد أن يسمع صوتها ....... تحكي له عما فعلت خلال اليوم، تجاربها، إنتصاراتها، نجاحها، فشلها، أحلامها، أحزانها، أفراحها .........

كما أراد هو أن يعبر عن مدى محبته لها وشوقه إليها وإهتمامه بها وإستعداده لمُساعدتها فى كل أمورها.

شارت الساعة إلى العاشرة.
لقد جلس ينتظر ما يقرب على الثلاث ساعات.

أتى الجرسون مرة أخيرة :

"هل تريد شيئاً آخر يا سيّدي؟".

نظر بحزن إلى الكرسي الخالي وقال :

"لا، شكراً. سأنصرف الآن. أريد دفع ثمن الشاي".

"حاضر يا سيدى".

يذهب ويعود بالإيصال.

أخرج الرجل محفظة ملآنة بالأوراق الماليّة، دفع ثمن الشاي و منح النادل بقشيشاً سخياً جداً.

ولم لا!، فهو ثري و كريم جداً في نفس الوقت.

إنه يستطيع أن يلبّي كل رغبات كاترين، لو طلبت هي فقط...... و لكنها لم تحضر و لم تطلب.

قام و سار نحو مكتب الحجز، سألته الفتاة الواقفة :

"حجز كالمعتاد يا سيدي؟"

هز رأسه فى هدوء :

"نعم، من فضلك مائدة لشخصين غداً الساعة السابعة".

"سيّدي، هل تظنّ إنها ستأتي؟".

"أتمنى ذلك، يوماً ما سوف تأتي، وسأكون أنا هنا في أنتظارها مهما تخلفت هي. طابت ليلتك"

خرج و قلبه يصرخ :

"لماذا تفعلي بي هذا يا حبيبتي، لماذا لا تأتي، ألا تعلمي مدى إشتياقي إليكِ؟"

هل تعلمون كيف قضت كاترين ليلتها؟ و لماذا تأخرت عن موعد خطيبها؟

لقد كانت تتسكّع فى الشوارع مع أصحابها، تأكل الفول و الفلافل.

و عندما تذكرت موعد خطيبها قالت :

"لا بأس فسوف أذهب يوماً آخر ..... أريد أن أستمتع بوقتي الآن.
هو يحبني و لا يستطيع أن يغضب مني طويلاً، ثمّ إنه ينتظرني كل يوم فلن يضيره تغيّبي عندما لا أذهب لأراه".




أحبائي :


ما رأيكم في هذه الفتاة كاترين؟ هل تستحق حب عريسها؟ هل هي جادة في علاقتها به؟

ألا نفعل نحن ذلك مع حبيبنا الرب يسوع المسيح الذى يقول لنا:

"أنا واقف على الباب أقرع، إن فتح لي أحد الباب أدخل إليه و أتعشى معه و هو معى".

كم من مرّة تحجّجنا بأعذار حتى لا نصلّي، و نحن لا ندري إن الربّ يسوع ينتظرنا و يشتهي أن يلتقي بنا، ليشبعنا من حبه.

فدعونا لا نستهتر بحبّه و طول أناته، و لا نجرحه بعدم مبالاتنا.

"فأخطبك لنفسي إلى الأبد.
و أخطبك لنفسى بالعدل و الحق و الإحسان و المراحم.
أخطبك لنفسي بالأمانة فتعرفين الرب"





#خبريّة وعبرة
/خدّام الربّ/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.