HTML مخصص
20 Nov
20Nov

كان الأمبراطور نابليون يستعرض جيشه في أحد الأيام ، وحدث أثناء الإستعراض أن سقط زمام الحصان من يده ، سقط على عنق الحصان ، فكانت هذه مفاجأة بالنسبة للحيوان القوي أن دفعته للجري ، فمالت المرشحة (البرذعة) وكاد الأمبراطور يسقط أمام جنوده لولا أنّ عسكرياً برتبة نفر أسرع من بين الصفوف ووقف في طريق الحصان المندفع وأمسك بالمرشحة وأصلح من مقعد الأمبراطور ، ولولا ذلك لسقط الأمبراطور وترك الأثر السيء في نفوس جنوده المصطفّة للإستعراض.

نظر نابليون إلى الجندي الذي خاطر بنفسه ووقف في طريق الحصان المندفع وقال له وهو يتناول الزمام (أشكرك يا كابتن) فردّ الجنديّ على هذا الشكر بالتحيّة العسكريّة وقال (كابتن في أي وحدة يا سيّدي الأمبراطور ؟)

فسُرّ الأمبراطور من ثقة الجنديّ وقال (كابتن في وحدة الحرس الخاص بالأمبراطور) وحيّاه وإنصرف.

أنزل الجنديّ بندقيّته عن كتفه وترك رفاقه الأنفار وذهب إلى فريق الضبّاط ووقف بجانبهم بإعتباره واحدا منهم ، وهناك سأله أحد الضبّاط بشيء من التعالي (لماذا تقف هنا أيّها النفر بجانب الضباط ؟)

فكان جواب الجنديّ (أنا رئيس فرقة الحرس الخاص بالأمبراطور).

وتعجّب ضابط آخر من هذا الردّ وقال ساخراً (أنت رئيس فرقة من قال ذلك ؟)

فقال الجنديّ مشيراً إلى الأمبراطور الواقف عن بعد (هذا الرجل).

يا ترى ماذا نسمّي هذا الجنديّ الذي أشاع عن نفسه بأنه أصبح رئيساً وليس نفراً ، ماذا نقول عنه ؟ إننا لا نجد ما نقوله عنه سوى أنه وثق أو صدّق أو آمن بقول الأمبراطور ، ولأنّه وثق بقوله نراه يتصرّف التصرّف الطبيعي الذي يتصرّفه أي إنسان ينال رتبة كابتن ، ولم يبقَ مع فريقه حتّى يحسّ أنّه أصبح فعلاً رئيساً للفرقة ، بل صدّق بمجرّد أن سمع الخبر وتصرّف كما يجب أن يتصرّف ، أي أنّه صدّق أولاً ، ثمّ جاءه الإحساس بمركزه الجديد ثانياً ، أنّه لم ينظر إلى ثيابه العاديّة ثياب النفر ويقول طالما أنا لابس هذا اللبس العادي فأنا لست رئيساً لأنّ منظري لا يدلّ على مركزي الجديد ، لم يقل هكذا ، بل قال ، ما دام الأمبراطور قال أنا كابتن ، وهو الرجل له وحده حق هذا الكلام ، إذاً أنا كابتن حتّى ولو لم يكن مظهري يدلّ على أنّي كابتن.
إنّي أثق في قول الأمبراطور.

مرّت بضع ساعات قليلة ، ونُودي الجنديّ ليلبس اللبس الجديد ويحمل على كتفه وعلى صدره الإشارات التي تدلّ على أنّه رئيس لفرقة الحرس الخاص.

هذا هو الطريق الذي يتحوّل به الخاطئ إلى قدّيس ، فيصير إبناً لله بعد أن كان عبداً للخطيئة ، ولا يحصل الخاطئ على هذه البنويّة لأنّه صلّى كثيراً أو لأنّه عاش عيشة طاهرة مقدّسة ، أو لأنّه عمل أعمالاً صالحة مجيدة ، كلا كلا كلا ، فإنّ الصلوات والعيشة الطاهرة والأعمال الصالحة كل هذه تأتي بعد الحصول على التحوّل من خاطئ إلى قدّيس ، من عبد إلى إبن لله ، وهذا التحوّل يتمّ في القلب أولاً كما حدث مع الجنديّ الذي صار رئيساً بمجرّد أن سمّاه الأمبراطور (كابتن) وتمّ هذا التحوّل في القلب أولاً دون أن يلمس المظهر الخارجي ، فقد سبقت الرئاسة ثياب الرئاسة ، إنّ كلمة الله تسلك نفس الطريق ، لأنّها تعد الخاطئ الذي يثق بيسوع بأنّه صار قدّيساً ، أو أنّه صار إبناً لله غير مُعرّض لعقاب الخطايا التي إقترفها في حياته ، ويتجلّى هذا الوعد في قول الرسول ( كل من يؤمن أنّ يسوع هو المسيح فقد وُلد من الله . (١ يو ١:٥) وُلد ولادة ثانية روحيّة التي تعطي له الحق بأنّه قد صار إبناً لله.

إنّ كلمة الله ثابتة كالله ذاته ، فإذا آمن إنسان بما تقوله الكلمة الإلهيّة ، يتمّ له ما وعد الله به ، هذا بغضّ النظر عن الشعور أو الإحساس ، فسواء شعر الإنسان بأنّه قدّيس أو لم يشعر ، فهذا لا يغيّر الوعد ، وأكثر من هذا ، إنّ الشعور أو الإحساس لا يأتي أولاً ، بل يأتي ثانياً بعد أن يدخل الإيمان إلى القلب.

أي أنّي أؤمن أولاً بأنّي صرتُ إبناً لله بناء على وعد الله ، ومعنى أنّي إبن لله أنّه أصبح لي حياة أبديّة ، وبعد هذا الإيمان يأتي الشعور والإحساس.

فهل آمن أخي القارئ بالمسيح المخلص ؟

إن كنت آمنت ، إذا أنت إبن لله ، وإن كنت آمنت فلك حياة أبديّة ، هذا وعد الله المنزّه عن الكذب ، ثمّ تأتي الخطوة الثانية وهي أن أرى بعيني رأسي وألمس بأصابع يدي التغيير الذي سيعمله الإيمان الذي دخل قلبي ، لأنّ الوحي الذي قال : إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة.

الأشياء العتيقة قد صار جديداً (٢ كو ١٧:٥).

فهل آمن أخي القارئ بالمسيح المخلّص ؟

إن آمنت سترى برهان إيمانك في حياتك الشخصيّة ، أمّا إذا بقيت في حياة الشرّ رغم أنّك تقول أنّك آمنت ، فإسمح لي أن أقول لك أنّ إيمانك هذا إيمان ميّت، ولا أقول هذا من عندي بل من كلمة الله التي تقول في يعقوب (٢: ١٧) أنّ الإيمان إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته.

فالإيمان الحقيقيّ يغيّر صاحبه كثقة الجندي بوعد الأمبراطور التي حوّلته وأتت به إلى صف الضباط ليلبس ثياب الرؤساء.


#خبريّة وعبرة
خدّام الرب ®

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.