HTML مخصص
09 Jan
09Jan

إنتظر شعب العهد القديم "مسيحا" على صورتهم ومثالهم، أرادوه ملكا لديه جيشا مدججا بالسلاح النوعي الذي يضمن لهم انتصارا دائما على أعدائهم، أو في لغة هذه الايام يحقق لهم توازنا فاعلا على الساحة الاقيليمية والدولية، واذا بيوحنا يعلن حقيقة يسوع أنه "حمل الله" الذي "يرفع خطيئة العالم" بدل أن يرفع رايات النصر بعد المعارك الدامية على جثث الابرياء..

انتظروا "مسيحاً" يعزز روح التفرقة والكراهية والتذمر واقامة الاسوار والخنادق بين الاهل والجيران وأبناء الوطن وسكان الارض، فاذا بيوحنا يرى حقيقة يسوع في خط العبد المتالم الذي "حمَلَ عاهاتِنا وتحَمَّلَ أوجاعَنا، حَسِبناهُ مُصاباً مَضروباً مِنَ اللهِ ومَنكوباً‌، وهوَ مَجروحٌ لأجلِ مَعاصينا، مَسحوقٌ لأجلِ خطايانا. سلامُنا أعَدَّهُ لنا، وبِـجِراحِهِ شُفينا"(أشعيا 53 / 4 – 5).


ونحن الى اليوم لا نزال ربما ننتظر "مسيحا" آخر..

نريد "مسيحاً" يصغي لنا ويتعاطف معنا ويقف الى جانبنا، ولو كان ذلك على حساب غيرنا.. هل غاب عن بالنا "حرب الاخوة" في كل مكان وزمان، وكل منهم يريد "الرب" الى جانبه، لينصره على من اعتبره عدوا له، مع أنه "لم يُمارِسِ العُنفَ ولا كانَ في فمِهِ غُشّ"ٌ(أشعيا 53 / 9).


نريد "مسيحا" يستجيب صلواتنا كي ننجح في مسيرتنا الخاطئة ومواقفنا الجارحة، يشجع امتعاضنا واستياؤنا من اخوة لنا ربما لم نجدهم في صفنا أو على "ذوقنا" أو لم يكونوا على قدر توقعاتنا وآمالنا لجهة اشباع غرائزنا وتلبية رغباتنا.

أما هو فقد "ظُلِمَ وهوَ خاضِعٌ وما فتَحَ فمَهُ. كانَ كنَعجةٍ تُساقُ إلى الذَّبحِ، وكخروفٍ صامتٍ أمامَ الّذينَ يَجُزُّونَهُ لم يفتَحْ فمَهُ" (أشعيا 53 / 7).


نريد "مسيحا" تاجرا ليزيد من أرباحنا، أو طبيبا معالجا لامراضنا وتشوهاتنا، أو حارسا لبستاننا من اللصوص.


نريده " عصا سحرية" في يدنا لقلب موازين القوة لصالحنا ولو على حساب صحة ونجاح وفرح غيرنا.. نريده شريكا لنا في اعوجاجنا، مناصرا لنا في ظلمنا، مؤيدا لافكارنا الهدامة، أنيسا في جلسات النميمة، مشجعا للغيرة، موقدا للحقد والحسد، راعيا للفجور والجرائم الاخلاقية، مغذيا لمشاعر الانانية، موافقا على "نقنا" حتى ولو كان من النوع الذي "ينخر العظام"..


أما هو " فلا يَصيحُ ولا يَرفَعُ صوتَهُ، ولا يُسمَعُ في الشَّارِعِ صُراخُهُ. قصَبةً مَرضوضَةً لا يكسِرُ وشُعلَةً خامِدةً لا يُطفئُ. بأمانةٍ يَقضي بالعَدلِ.


لا يَلوي ولا ينكسِرُ حتّى يُقيمَ العَدلَ في الأرضِ، فشَريعتُهُ رجاءُ الشُّعوبِ‌. ".(أشعيا 42 / 2-4).

أحد مبارك


/الخوري كامل كامل/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.