HTML مخصص
31 Oct
31Oct


36 ثُمَّ تَركَ الجُموعَ ورَجَعَ إِلى البَيت. فدَنا مِنه تَلاميذُه وقالوا له: فَسِّرْ لَنا مثَلَ زُؤانِ الحَقْل

 

تشير عبارة "الجُموعَ" الى الجموع الذين ذُكروا سابقا "فازْدَحَمَت عليهِ جُموعٌ كَثيرة" (متى 13: 2). امَّا عبارة "البَيت" فتشير الى بيت سمعان بطرس في كفرناحوم (متى 14: 8)؛ وهي ترمز للكنيسة حيث نجتمع باسم المسيح الذي يعلن أسراره لنا. امَّا عبارة "دنا" فتشير الى تقدم التلاميذ من يسوع ليسألوه. إن تقدّم أحدٌ لله وكان غيورًا، فالله من جانبه يُعطيه كل شيء، أمَّا من لم ينشغل بالاقتراب من الله، ولا يساهم بشيء من جانبه فلن تُمنح له عطايا الله. امَّا عبارة "تَلاميذُه" فلا تشير الى الاثني عشر فقط أنما أيضا الى غيرهم المحيطين بهم كما يوضِّح متى الإنجيلي "فلَمَّا اعتَزَلَ الجَمْع، سأَلَه الَّذينَ حَولَه معَ الاثْنَي عَشَرَ عنِ الأَمثال" (مرقس 4: 10).

 

 37 فأَجابَهم: الَّذي يَزرَعُ الزَّرْعَ الطَّيِّبَ هو ابنُ الإِنسان

 

تشير عبارة "فأَجابَهم" الى شرح يسوع للمرة الثانية مثلا آخر. امَّا عبارة" يَزرَعُ الزَّرْعَ الطَّيِّبَ" فتشير الى يسوع المسيح كما ورد سابقا "كَمَثلِ رَجُلٍ زَرَعَ زَرْعاً طَيِّباً في حَقلِه" (متى 13: 24). أمَّا عبارة "ابنُ الإِنسان" فتشير الى يسوع المسيح في حال اتضاعه في بدء حياته الرسولية كما ورد في إنجيل متى "وأَمَّا ابنُ الإِنسان فَلَيسَ لَه ما يَضَعُ علَيهِ رَأسَه" (متى 8: 20).  

 

38 والحَقْلُ هو العالَم والزَّرْعُ الطَّيِّبُ بَنُو المَلَكوت، والزُّؤانُ بَنُو الشِّرِّير،

 

تشير عبارة " الحَقْلُ هو العالَم " فتشير الى الحقل حيث زُرع الزرع الجيد، والعالم حيث زُرع الزؤان، فأراد يسوع ان يُبيِّن لتلاميذه اختلاط الابرار بالأشرار في العالم باسره كما يؤكده انجيل متى "يُطلِعُ الله شَمْسَه على الأَشرارِ والأَخيار، ويُنزِلُ المَطَرَ على الأَبرارِ والفُجَّار" (متى 5: 45)؛ امَّا عبارة "والزَّرْعُ الطَّيِّبُ" فتشير الى ابناء الملكوت، لانَّ كلمة الله التي زُرعت في قلوبهم جدّدتهم فكانت إثمار أعمالهم الصالحة  كما يصرِّح يعقوب الرسول "شاءَ أَن يَلِدَنا بِكَلِمَةِ الحَقّ لِنَكونَ كمِثْلِ باكورَةٍ لِخَلائِقِه" (يعقوب 1: 18) امَّا عبارة "بَنُو المَلَكوت" فتشير الى اولئك الذين ينتمون الى الملكوت واصبحوا ورثة الملكوت لا بالميلاد ولا بالإرث بل بالنعمة؛ وهم الذين يعيشون حياة التقوى في القلب (متى 6: 33) ويسيرون على النظام الذي أتى المسيح لينظمه (متى 4: 17)؛ أمَّا عبارة "بَنُو الشِّرِّير" فتشير الى اولئك الذين ينتمون الى الشرير، وهم الزؤان الوارد ذكره سابقا (متى 13: 19). وسُمُّوا أولاد الشيطان لانهم يشبهونه في صفاتهم وأعمالهم، وهو يقودهم وهم خاصته ويعملون اعماله في العالم وسيشاركونه في العذاب كما ورد في الانجيل "ثُمَّ يقولُ لِلَّذينَ عنِ الشِّمال: "إِليكُم عَنِّي، أَيُّها المَلاعين، إِلى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ المُعدَّةِ لإِبليسَ وملائِكَتِه" (متى 25: 41)، ويصفهم بولس الرسول بقوله "يتبعون سيرَةَ هذا العالَم، سيرَةَ سَيِّدِ مَملَكَةِ الجَوّ، ذاك الرُّوحِ الَّذي يَعمَلُ الآنَ في أَبْناءِ المَعصِيَة" (أفسس 2: 2) وأمَّا انجيل يوحنا فيصف بتو الشرير بقوله "أنتُم أَولادُ أَبيكُم إِبليس تُريدونَ إتمامَ شَهَواتِ أَبيكم. كانَ مُنذُ البَدءِ قَتَّالاً لِلنَّاس ولَم يَثبُتْ على الحَقّ لأَنَّه ليسَ فيه شَيءٌ مِنَ الحقّ. فَإِذا تكَلَّمَ بِالكَذِب تَكَلَّمَ بِما عِندَه لأَنَّه كذَّابٌ وأَبو الكَذِب" (يوحنا 8: 44).

 

39 والعَدُوُّ الَّذي زَرَعَه هو إِبليس، والحَصادُ هوُ نِهايَةُ العالَم، والحَصَّادونَ هُمُ المَلائِكة.

 

تشير عبارة "العَدُوُّ" الى عدو المسيح كما ذكر في الآية (متى 13: 25) والى وعدو الانسان أيضا منذ القديم (التكوين 3: 15). اما عبارة "إِبليس" فتشير الى الشيطان (معناها خصم) ولكن معناه واشٍ او مشتكٍ (متى 4: 1)، وسُمِّي بالشرير (متى 13: 38)، لأنَّه أعظم الأشرار فهو شرٌ في ذاته، وهو علة الشر في غيره. ويعارض المسيح على الدوام أذ يرسل أنبياء كذبة مقابل أنبياء صادقين، ورسل مخادعين ونصّاَبين مقابل  رسل مستقيمين ونزهين. اما عبارة "الحَصادُ" فتشير الى جمع غلال العالم من خير وشر على طوال الازمنة منذ بدء الخليقة الى يوم الدينونة لتمييز الواحد عن الآخر وفصله عنه الى الابد. اما عبارة "نِهايَةُ العالَم" فتشير الى انقضاء الدهر الحالي المعين للفصل بين الابرار والشرار. اما عبارة "الحَصَّادونَ" فتشير الى الفعلة الذين يستخدمهم الله للجمع او الفصل.  اما عبارة "المَلائِكة." فتشير الى أرواح ارفع رتبة من البشر وهم منزهون عن العوارض الجسدية والنقص البشري وهم مطيعون لأوامر الله ومتممون مقاصده.

 

40 فكما أَنَّ الزُّؤانَ يُجمَعُ ويُحرَقُ في النَّار، فكذلك يكونُ عِندَ نِهايَةِ العالَم:

 

تشير عبارة "يُجمَعُ ويُحرَقُ في النَّار" الى قصاص الأشرار إذ يهلكون حال انفصالهم عن الابرار يوم الدينونة.

 

41 يُرسِلُ ابنُ الإِنسانِ مَلائكتَه، فَيَجْمَعونَ مُسَبِّبي العَثَراتِ والأَثَمَةَ كافَّةً، فيُخرِجونَهم مِن مَلَكوتِه،

 

تشير عبارة "ابنُ الإِنسانِ" الى المسيح الذي يحتمل الأشرار بطول الأناة وبصبر لكنه لا يحتملهم الى الابد. اما عبارة "مُسَبِّبي العَثَراتِ" فتشير الى المُضلِّين الذين يوقعون غيرهم في الإثم. اما عبارة "مُسَبِّبي العَثَراتِ والأَثَمَةَ كافَّةً" فتشير الى ما ورد في نبوءة صفنيا النبي "وَيلٌ لِلَمُتَمَرِّدَةِ الدَّنِسَة المَدينَةِ الظَّالِمَة" (صفنيا 1: 3). أمَّا عبارة "الأَثَمَةَ" في الأصل اليوناني ἀνομίαν  (معناها مخالفة القانون او التمرد) فتشير الى "الجُبَناءُ وغَيرُ المُؤمِنينَ والأَوغادُ (الأدنياء) والقَتَلَة والزُّناة والسَّحَرَةُ وعَبَدَةُ الأَوثانِ وجَميعُ الكَذَّابين"(رؤية 21: 8).

 

42 ويَقذِفونَ بِهم في أَتُّونِ النَّار، فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان.

 

تشير عبارة "أَتُّونِ" في الأصل اليوناني κάμινος (في العبرية תַּנּוּר معناها فرن ولعلها مستعارة من الكلمة الأكادية "أتونو") الى فرن لحرق الطوب أو لصهر المعادن، وقد وردت الكلمة في سفر دانيال (3: 6).  وكثيرًا ما تستخدم مرادفًا لجهنم مصير العصاة غير التائبين (متى 13: 5). ومن هذا نرى أن كلمة " أتون " تستعمل في أغلب الحالات مجازيًا للدلالة على دينونة الله. اما عبارة " فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان" فتشير الى الظلمة الخارجية كما جاء في إنجيل متى "فقالَ المَلِكُ لِلخَدَم: ((شُدُّوا يَديَه ورِجلَيه، وأَلقوهُ في الظُّلمَةِ البَرَّانِيَّة. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان " (متى 22: 13). هناك بعض الذين يربطون الظُّلمَةِ البَرَّانِيَّة بشكل عام كمكان للانفصال عن الله. وكثيرا ما تستخدم هذه العبارات للدلالة على الدينونة الآتية.   أمَّا عبارة " البُكاءُ" فتشير الى الحزن او الندم؛ وأمَّا عبارة " صَريفُ الأَسنان " فتشير الى صرير المرء بأسنانه علامة الخوف والغضب واليأس والندم (متى 8: 12)، وهو رد الفعل للقلق المفرط او الى الامل المضنى. 

 

43 والصِّدِّيقونَ يُشِعُّونَ حِينَئذٍ كالشَّمْسِ في مَلَكوتِ أَبيهِم. فمَن كانَ له أُذُنان فَلْيَسْمَعْ!

 

تشير عبارة "الصِّدِّيقونَ يُشِعُّونَ" الى الابرار الذين يُصَدِّقون قولَهم بالعمل وتوحي الى ما ورد في نبوءة دانيال "يُضيءُ العُقَلاءُ كضِياء الجَلَد، والَّذينَ جَعَلوا كَثيراً مِنَ النَّاسِ أَبْراراً كالكَواكِبِ أَبَدَ الدُّهور" (دانيال 12: 3). يعلق القديس غريغوريوس أسقف نيصص "إذ يترك الإنسان (محبّة) هذا العالم المظلم ويصبح نقيًا طاهرًا بعمل الروح وبالتصاقه بالنقاء الحقيقي... فتشع النفس ضوءً وتصير هي نفسها نورًا كوعد الرب". اما عبارة "كالشَّمْسِ" فتشير الى وجه الشبه مع البهاء والطهارة والبهجة وإنارة الغير. وكثيرا ما يُعبَّر عن السعادة السماوية بالنور ويُعبَّر عن جهنم بالنار. ولا يظهر جمال الابرار كما هو الاَّ بعد فصل الأشرار عنهم "لأَنَّكم قد مُتُّم وحَياتُكم مُحتَجِبةٌ معَ المسيحِ في الله" (قولسي 3: 3)، امَّا عبارة "مَلَكوتِ أَبيهِم" فتشير الى اعتراف الله بان الابرار هم ابناؤه ووريثته في خير الله وبركاته عليهم. امَّا عبارة "فمَن كانَ له أُذُنان فَلْيَسمَعْ!" فتشير الى ذوي الحاجة الشديدة الى الاصغاء التام لإدراك معناه. وقد تكرَّرت هذه العبارة مرارا في اسفار العهد الجديد (مرقس 9: 16، ولوقا 14: 35، ورؤيا 2: 7)؛ فعدم معرفة الناس طريق الخلاص ليس لعدم توفر آذان للسمع بل لعدم إرادتهم للأصغاء بآذانهم وقلوبهم.  أما عبارة "أُذُنان" فتشير الى الانتباه لإدراك فحوى تعليم مجازي كما جاء في تعليم موسى النبي لشعبه "ولم يُعطِكمُ الرَّبُّ إِلى هذا اليَومِ قُلوبًا لِتَعرِفوا وعُيونًا لِتُبصِروا وآذانًا لِتَسمعوا" (تثنية الاشتراع 29: 3). أمَّا عبارة "فَلْيَسمَعْ!" فتشير الى ضروري الانتباه المطلوب من المرء كي يفهم معنى التعليم الذي يُقدّم له. ويتوجّه المثل الى كل من يسمع ويستعد ليأخذ الموقف المطلوب. نحن نسمع بآذاننا، ولكن هناك نوعا أعمق من الاصغاء، وذلك عن طريق الذهن والقلب. فمن شأن المثل ان يحمل السامعين على التفكير فيتحقق مفعوله فيهم.  فمن يفتح قلبه على الكلمة يسمع ويفهم ويلتزم، ويدخل في هذا السر ويحمل ثمراً. أمَّا الذي ينغلق في أنانيته وكبريائه، فهو يسمع ولا يفهم.



#كلمة حياة

/خادم كلمة الرب/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.