HTML مخصص
19 Jan
19Jan


يقول القديس أغسطينوس: [كان يوجد سفينتان، منهما دُعي تلاميذه (الأربعة)، وهما تشيران إلى الشعبين عندما ألقوا شباكهم وجاءوا بصيدٍ كثيرٍ، بسمكٍ كثيرٍ جدًا حتى كادت الشباك تتخرَّق... تشير السفينتان إلى كنيسة واحدة من شعبين اتَّحدا معًا في المسيح بالرغم من أنهما من مصدرين مختلفين. 


عن هذا الأمر نجد زوجتين لهما رجل واحد هو يعقوب، وأما هما فليئة وراحيل كانتا رمزين (تك 29: 23، 28). 


وأيضًا لذات السبب وُجد أعميان كرمزين، جلسا بجوار الطريق وهبهما السيِّد البصيرة (مت 20: 3). 


وإن تأمَّلت في الكتاب المقدَّس تجد الكنيستين اللتين هما بالحقيقة كنيسة واحدة قد رُمز إليهما في مواضعٍ كثيرةٍ، جاء لخدمتهما حجر الزاويّة (يربطهما معًا) ويجعلهما واحدًا(191).]


ثانيًا: غسل الرجال شباكهم إذا انقضى الليل كله بلا صيد، فيبقون نهارهم في مرارة ليعاودوا الصيد من جديد في الليلة الجديدة، ولم يدرك هؤلاء الصيَّادون أن فشلهم هذا كان بسماحٍ من الله لأجل نجاح أبدي وزمني أيضًا. 


فإنَّ كانت السفينتان قد فرغتا تمامًا من السمك، إنما لكي لا ينشغل الصيَّادون بجمعه وفرزه وبيعه بل يستقبلون السيِّد في السفينة ليستخدمها منبرًا للتعليم، يصطاد خلاله الصيَّادين وجمهورًا من الشعب، وعندئذ لا يحرمهم حتى من السمك، إذ يسألهم أن يلقوا شباكهم للصيد فتمتلئ السفينتان حتى أخذتا في الغرق.


حينما تُغلق الأبواب في وجوهنا ونظن أن حظنا سيئ، هذا التعبير الذي لا يليق بالمؤمن، فلننفتح بالقلب أمام السيِّد ونقدِّم له سفينة حياتنا يدبرها حسب مشيئته الصالحة، فيردّ لنا "بهجة خلاصنا"، مقدّما لنا ثمارًا روحيّة دون حرمان حتى من ضرورات الحياة الزمنيّة.



ثالثًا: اختبر التلاميذ لذَّة صيد السمك، الأمر الذي يعرفه هواة الصيد، والآن يرفعهم إلى لذَّة أعمق، وهي لذَّة صيد النفوس ليخرجوها من بحر هذا العالم فتعيش؛ هذه الخبرة ما كان يمكنهم أن يتذوقوها ما لم يصطادهم السيِّد نفسه في شبكته ويدخل بهم إلى سفينته، الكنيسة المقدَّسة. 


في هذا يقول القديس كيرلس الكبير: ]فلنمدح الطريقة التي أصبح بها التلاميذ صيَّادي العالم قاطبة، خاضعين للمسيح خالق السماوات والأرض، فبالرغم من أنه طُلب من تلاميذ المسيح أن يصطادوا الشعوب الأخرى، فقد وقعوا في شبكة المسيح المطمئنة، حتى إذا ما ألقوا بدورهم شباكهم أتوا بجماهير المؤمنين إلى حظيرة المسيح الحقيقيّة.


 ولقد تنبَّأ أحد الأنبياء القدِّيسين بذلك، إذ ورد: "هأنذا أرسل إلى جزَّافين كثيرين يقول الرب، فيصطادونهم ثم بعد أرسل إلى كثيرين من القانصين فيقتنصونهم"




كلمة حياة

/خادم كلمة الرب/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.