HTML مخصص
26 Feb
26Feb

ليس كلّ موت هو "موت" بحدّ ذاته. تشحيل الاغصان اليابسة من الاشجار هو موتٌ لها وحياة لغيرها.

إستئصال الأورام الخبيثة من أعضاء الجسم هو موتٌ حتميٌ وضروريّ لها لإنقاذ باقي الاعضاء.


الموت عن الخطيئة قيامة جديدة "لا تَمْلِكَنَّ الخَطيئَةُ بَعْدُ في جَسَدِكُمُ المَائِت، فَتُطيعُوا شَهَوَاتِهِ" لكنّ الخطيئة لا تموت بسهولة ولا تستسلم دون معركة ضروس لأنها متجذرة بالشهوة والشهوة متجذرة بالغريزة والقضاء على الخطيئة يعني القضاء على جذورها أي الشهوة والغريزة.

هذه معركة حقيقية ودموية وفيها إجرام لا مثيل له: عدوّي هو "أنا" هو "ذاتي" هو "أفكاري" ومخيلتي وأحلامي ويقظتي وردّات فعلي... أعدائي في داخلي، أحملهم معي أينما ارتحلت، أغذّيهم وأربيهم وأسهر على سلامتهم، أنا من أزودهم بالدعم وأترك لهم معابر آمنة ليخرجون ويدخلون إلى داخلي مع عملاء لهم من الخارج البعيد والقريب، يفعلون ما يحلو لهم وأنا في كامل وعيي وبكامل إرادتي لا بل أشجعهم على فعل ذلك، وإذا تكاسلوا أو تعبوا أو أخذوا استراحة أو تشتتوا أعود وأغذّيهم من جديد من مخزون شهواتي وغرائزي..

أعدائي تسلّطوا عليّ تحكّموا بأعضائي فأصبحوا "سِلاَحَ ظُلْمٍ لِلخَطِيئَة".

أعدائي تملّكوا فيّ واستفحلوا عليّ فجعلوني عبداً "لِلخَطِيئَةِ الَّتي تَؤُولُ إِلى المَوت".

اليوم حان وقت الثورة ولو متأخراً، حان وقت الانتفاضة على "الموت" وكل بذوره وكل أشكاله.

قبل كل شيء، أنا لا أخاف الموت لأني خرجت من جرن المعمودية مائتاً عن إنساني القديم وأصبحت "مائتاً" عن الخطيئة بالفعل ذاته، والخطيئة بكل فروعها وعملائها لا تعمل بجسد مائت لأني أكون قد عطّلت محركاتها وأبطلت حركة عملائها ونشّفت مصادرها وأفرغت خزائنها ودمّرت غرفة عملياتها وكل وسائل إتصالها.

في تلك الحالة أنشد نشيد الموت "ما أحلاك يا "موت" لأن هذا النوع من "الموت" ضروري لحياتي، بإرادتي أحسب نفسي ميتاً عن الخطية لتظهر حياة يسوع فيّ "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي." (غلاطية ٢/ ٢٠).

بقوة هذا الموت تموت الخطية في كل أعضائي، بقوة الروح الذي تملّكني وملَكَ عليّ وفيّ، لذلك أعتبر (أترجّى) نفسي ميّتاً أمام الخطية فحكمتُ على أهواء جسدي وشهواته بالموت، غطست مع "نعمان الأبرص" في النهر سبع مرّات غير آبه بفضتي ومونتي وشاراتي وموقعي، غطست في نهر معموديتي طائعاً كلام أليشاع «إمضِ وَٱغْتَسِلْ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَيَعُودَ إِلَيْكَ لَحْمُكَ وَتَطْهُرَ» هكذا إنتصرت على كبريائي بنعمةٍ من عنده "فَعَادَ لَحْمُي كَلَحْمِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ وَطَهُرَ"..

سأتخلّى عن قناعتي التي كادت أن تحرمني نعمة الشفاء، لو أني تماديت بغطرستي وعدت حيث كنت، كان الموت إنتصر فيّ واستفحلت الخطيئة على كل مخارجي.

نعم تلك معركتي ساحتها ذاتي وأسلحتها ذاتي وأعدائي في داخلي..

عرفت نفسي، أنا ذاك الأبرص الذي أبعدته الخطيئة عن مركز الحياة وأفسدت فيه ثمار الروح فأصبح منبوذاً، في تلك البؤرة الفاسدة سمعت نداء بولس العاشق وجه المسيح يقول :"لا تَمْلِكَنَّ الخَطيئَةُ بَعْدُ في جَسَدِكُمُ المَائِت، فَتُطيعُوا شَهَوَاتِهِ.

وَلا تَجْعَلُوا أَعْضَاءَكُم سِلاَحَ ظُلْمٍ لِلخَطِيئَة" فقمت قبل طلوع الفجر مع يسوع "فخَرَجت وذَهَبت إِلى مَكَانٍ قَفْر، وأَخَذت أصَلِّي هُنَاك" وطلبت منه أن يتمّم مشيئته فيّ.

لم أتوقع تلك الاستجابة السريعة لأن يسوع "تَحَنَّنَ عليّ ومَدَّ يَدَهُ ولَمَسَني" وقَالَ لي: «قَدْ شِئْتُ، فَٱطْهُرْ!» وفي الحَالِ زَالَ عَنّي البَرَص، وكأنّ شيئاً لم يكن.

أصبحت معك من خاصتك أعيش بقربك، منذ ذاك الحين وأنا أعلن مجدك، لا أستطيع كتم سرّك أنادي بأعلى صوتي أنك إلهي ومخلصي ولا يملك عليّ أحدٌ سواك.

أمّا الان فإني أنتظر أن أجني من مواسم حياتي ثمار القداسة التي عاقبتها الحياة الأبدية. آميـــــــن.

أحد مبارك


/الخوري كامل كامل/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.