HTML مخصص
21 May
21May

تتشابهُ المجموعتان في أنَّ كلتيهما تتبعانِ المسيح وإسم المسيح كان على جميعِهِنَّ فمِنَ الناحيةِ الشكليةِ الخارجيةِ لا يوجدُ أيُّ فرقٍ بين المجموعتينِ فكِلتاهُما نامتا وكلتاهُما نهضتا عند الصراخِ وكلتاهُما حملتا المصابيحَ أيّ الشهادة الخارجية أنَّهُما من أتباعِ المسيح فكلتا المجموعتين تحملان الشهادةَ المسيحيةَ وجميعهُنَّ ينادين بالمسيح ويتكلَّمْنَ عن المسيحِ ويستخدمْنَ الإنجيلَ ويُواظبْنَ على الكنائسِ وينادين بالأمانةِ للمسيح!


لكنَّ الفرقَ هو داخليٌّ فقط وقرارُ المسيحِ برفضِ إحدَى المجموعتينِ يعني أنَّ المسيحَ هو الذي سيُقرِّرُ وهو لا يهمُّه كثيراً المنظرَ والمظهرَ والشكلَ والتديُّنَ التقليديَّ ومُمارسةَ المسيحيِّينَ من الناحيةِ الخارجيةِ والمعرفةِ الكتابيةِ لا تكفي ولا يهمُّه الإنتماءَ الدينيَّ والتسميةَ الإجتماعية.


بل قرارُ يسوع الجدِّيِّ والحاسمِ مَرَّةً وإلى الأبدِ خطيرٌ جِدّاً وقد قال يسوع هذا المثلَ كتحذيرٍ وتنبيهٍ لئلّا يعتمدُ أتباعُه على الشكلِ الخارجيِّ ويكتفون بالمظهرِ الدِّينيِّ.


والفرقُ بين المجموعتينِ كان فقط في الزيتِ في داخلِ المصباح فإحدَى المجموعتين اكتفتْ بالمظهرِ بحملِ المصباحِ وأقنعتْ ذاتَها ومَنْ حولها أنَّ ذلك كان كافياً للقبولِ الإلهيِّ.


لكنَّ قولَ يسوع يدعو الجميعَ أنَّ إلى الفحصِ الجدِّيِّ لحقيقةِ اتّباعِهِم للمسيح فأوَّلُ علامةٍ للذين سوف يرفضُهم هي أنهُم لا يفحصون ذواتَهُم في ضوءِ كلمةِ الله بل هُم مُطمئِنُّون من خلاصِهِم مع أنَّ المسيحَ دعانا إلى تفتيشِ الكتابِ المُقدَّسِ لئلّا نظُنُّ أنَّنا نملكُ الحياةَ الأبديةَ بشكلٍ تِلقائيٍّ وعفويٍّ (يو ٥).


والمؤسفُ أنَّ كُلَّ جماعةٍ أو كنيسةٍ اليوم تُبدي اليقينَ والتأكيدَ على حُصولِها على الحياةِ الأبديةِ وهي غيرُ مُستعدَّةٍ لإعادةِ فحصِ ذاتِها وأفكارِها وتعليمِها في ضوءِ كلمةِ الله.


وأنا أرَى خُطورةً بالغةً في ذلك وإنِّي على يقينٍ أنَّ كُلَّ جماعةٍ لا تدعو أتباعَها إلى إعادةِ الفحصِ بكُلِّ جدِّيةٍ لا بُدَّ أن تكونَ من المُخادعين الذين يخدعون الناسَ ويُطمئِنون الناسَ طُمأنينةً كاذبة.


إنَّ الفرقَ هو فقط في امتلاكِ الزيتِ لأنَّ المصباحَ أو القنديلَ لا يُمكِنُ أن يُضيئَ في الظلمةِ الحالكةِ إلّا بوُجودِ الزيتِ واشتعالِه.


والزيتُ هو ليس جزءاً من الإنسانِ بل على الإنسانِ امتلاكِهِ وشرائه وهو ليس ذاتيّاً فالذي لا يفحصُ ذاتَهُ في نورِ كلمةِ الله لا بُدَّ مخدوعٌ والذي يظُنُّ أنَّ له حياةٌ أبديةٌ مُعتمِداً على أعمالِهِ وطيبِ قلبِهِ ونقاوَةِ داخلِهِ لا بُدَّ أن يكونَ مرفوضاً من الله بل علينا الذهابُ إلى الكتابِ المُقدَّسِ ، كلمةُ اللهِ الحيَّة ، وامتلاكُ الزيتِ وإلّا فلنْ يُفيدَ شيئاً من المُمارساتِ الدِّينيةِ حتى ولو كان الشخصُ واعظاً رنّاناً.


ومن أَسوأِ الأفكارِ الشائعةِ ما قالَهُ وكتبَهُ أحدُهُم أنَّ الكتابَ المُقدَّسَ ليس المُعتمَدَ الوَحيد للمسيحيةِ وهو ليس المرجعَ الكافي والوافي للمسيحيِّين لا بُدَّ أنَّ هذه الفكرةَ شيطانيةٌ ومُضِلَّة.


والزيتُ هو المحكُّ الوَحيدُ والفاصلُ الأكيدُ والبُرهانُ الوَطيدُ للقبولِ الإلهيِّ للإنسانِ أمّا باقي الأُمورِ لا شكَّ أنَّها ثانويةٌ وغيرُ أساسيَّة.


والزيت بحسب الفكر الالهي هو الروح القدس في قلب الانسان الذي يسكن في أعماقُ الإنسانِ التائب والذي يطلبُ المسيحَ بكُلِّ قلبِهِ وبكاملِ وَعيِهِ وبقرارٍ شخصيٍّ حقيقيٍّ.


والزيتُ هو طلبُ الإنسانِ للأمرِ الإلهيِّ أيّ أنَّ الإنسانَ الذي جلَّ غايتَهُ أيّ أمر عالميّ وجسديّ وليس الإلهيَّ لا بُدَّ أنَّه مرفوضٌ في المحكمةِ الإلهية.


والزيتُ هو من عصيرِ الزيتونِ أيّ أنَّنا نحصلُ على الروحِ القُدُسِ فقط من معصرةِ الزيتِ وليس من ذواتِنا ، وكلمةِ جتسيماني أيّ بُستانُ الصليبِ تعني في اللُّغةِ العِبريةِ معصرةُ الزيتِ وهي بِلا شكٍّ الصليب أيّ أنَّ الإنسانَ بكُلِّ بساطةٍ وصدق ، يشعرُ ويقتنعُ بحاجتِهِ المسيح أيّ إلى الزيتِ ليُضيئَ في الظلمةِ فيلجأُ إلى الصليبِ ويتأمَّلُ في عصرِ المسيحِ المصلوبِ بالآلام بديلاً عنه وعند اكتشافهِ مدَى آلامِ المسيح لأجلِهِ لأنَّ يسوعَ قُدُّوسٌ وكاملٌ ولمْ يُخطِئْ بل ماتَ بديلاً عنّا لكيْ يفديَنا ويخلِّصَنا ؛ هذا اللقاء الحيّ بين الشخصِ وبين المصلوبِ إنْ كان حقيقيّاً لا بُدَّ أن يسيلَ زيتُ الروحِ القُدُسِ إلى قلبِهِ ويملأَ حياتَهُ وقلبَهُ وعقلَهُ ومشاعرَهُ بالإنارةِ الروحيةِ والحُبِّ للمسيح والأمانةِ لِمَنْ ماتَ لأجلِهِ وقام.


واختار يسوع الرقمَ خمسة لأنهُ رقمُ النِّعمةِ ورقمُ المسؤولية.


فالخلاصُ والحياةُ الأبديةُ يتُمّانِ بإجتماعِ النِّعمةِ الإلهيةِ ومسؤوليةِ الإنسانِ لطلبِ تلك النِّعمةِ وموقف الإنسان يُحدِّدُ دُخولَهُ إلى فرحِ سيِّدِهِ أَمْ إغلاق الباب في وجهِهِ إلى الأبد.


فمَنْ يكتفي بحملِ المصباحِ في مُنتصفِ اللَّيلِ من دونِ زيتِ الروحِ القُدُس لا بُدَّ أنه قد حدَّدَ مصيرَهُ الأبديِّ ولكن سيُصابُ بالصدمةِ الأبديّة.


لا بُدَّ أنَّ المسيحَ نطقَ بهذا المثلِ ليوقظَنا وليُجنِّبَنا الصدمةَ وليدعوَنا إلى الفحصِ الصادقِ الذاتيِّ وإعطاءِ المجالِ لكلمةِ الله كنورٍ كاشفٍ لنُسلِّطَه على قُلوبِنا وحياتِنا.


لا بُدَّ أنَّ العريسَ يريدُ العشرةَ العذارَى معه في الفرحِ الأبديِّ لكنه سيضطرُّ إلى رفضِ البعضِ لأنهم اكتفوا بأفكارِهِم ولمْ يكونوا مُستعدِّين بتواضُعٍ ووداعةٍ إلى إعادةِ فحصِ ذواتِهِم وتغييرِ مسارِ حياتِهِم.



خادمة الربّ ن. غ.
خدّام الربّ ®

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.