في إحدى حدائق الحيوانات يوجد نمرة يسمّونها ( صالحة ) مرض النمر زوجها بِروماتيزم مزمن جعله طريح على الأرض يتحرّك بصعوبة.
فرأت إدارة حديقة الحيوانات أن تخرجه من قفص الزوجيّة وتأتي بنمر آخر ليتزوّج النمرة (صالحة) حتّى يتمّ الحفاظ على هذا النوع من النمور.
فلمّا أحضروا النمر الجديد ثارت النمرة وكادت أن تفترسه فآعادوه من حيث أتى وتُرِكت النمرة (صالحة) بمفردها في عشّ الزوجيّة ولكن يا للعجب....!!
لقد نامت النمرة على الأرض وأضربت عن الطعام لبضعة أيّام حزناً على زوجها النمر المريض الذي أخذوه منها وقد إعتقدت أنّه لن يعود إليها أو قد مات من شدّة المرض أو قتلوه لعدم نفعه ولقد صمّمت أن تموت هي أيضاً وتلحق به.
وإزاء إصرارها على الإضراب عن الطعام إضطرّوا إلى إعادة زوجها النمر المريض إليها.
فإستقبلته بفرحة شديدة وأخذت تلعق بلسانها كل جسمه من أعلى الرأس إلى أسفل القدم لتغسل جلده وتنظّفه وهو مطروح على الأرض ثمّ إرتمت بجواره.
عزيزي القارئ...
لقد فضّلت هذه النمرة الوفيّة عشرة أليف صباها النمر المريض لتسهر على راحته وتعتني به وتقوم بتمريضه عن عشرة العريس الجديد الممتلئ صحّة وقوّة.
لقد كان قلبها أكثر حنانًا وعطفاً وحبًّا ووفاءً نحو زوجها المريض أكثر من قلوب بشريّة كثيرة.
إنّ الوفاء في الكثير من مخلوقات الله فالأسد أشدّ حيوانات الغابة وآقواها جبروتاًيحمي أنثاه ويدافع عنها بكل قوّته وهي لا ترضى بغيره بديلاً ولا يمكن ان تذهب لغيره مهما شاخ أو مرض.
والحمام أودع الطيور مهما كبر وتكاثر فيه الإناث والذكور لكل ذكر أنثاه ولكل أنثى ذكرها.
ومن الحيوانات أو الطيور ما يحزن لموت شريكه ويستمر فى حزنه وزهد معيشته، حتّى بعضها يقلّل الطعام أو ينقطع عنه إلى أن يموت.