HTML مخصص
02 Feb
02Feb

كان هناك ساقي إسمه جميل، يبيع الماء للناس وهو يتجوّل بجرّته الطينيّة في الأسواق.

وقد أحبّه كل الناس لحسن خلقه ولنظافته.

ذات يوم سمع الملك بهذا الساقي فقال لوزيره : إذهب و أحضر لي جميل الساقي.

ذهب الوزير ليبحث عنه في الأسواق إلى أن وجده وأتى به للملك.

قال الملك لجميل : من اليوم فصاعداً لا عمل لك خارج هذا القصر، ستعمل هنا في قصري تسقي ضيوفي، وتجلس بجانبي، تحكي لي طرائفك التي إشتهرت بها.

قال جميل : السمع والطاعة لك مولاي..

عاد جميل إلى زوجته يبشّرها بالخبر السعيد وبالغنى القادم، وفي الغد لبس أحسن ما عنده وغسل جرّته وقصد قصر الملك.

دخل الديوان الذي كان مليئاً بالضيوف وبدأ بتوزيع الماء عليهم وكان حين ينتهي يجلس بجانب الملك ليحكي له الحكايات والطرائف المضحكة، وفي نهاية اليوم يقبض ثمن تعبه ويغادر إلى بيته.

بقي الحال على ما هو عليه مدّة من الزمن، إلى أن جاء يوم شعر فيه الوزير بالغيرة من جميل بسبب المكانة التي إحتلّها بقلب الملك.

وفي الغد حين كان الساقي عائداً إلى بيته تبعه الوزير وقال له :
يا جميل إنّ الملك يشتكي من رائحة فمك الكريهة.

تفاجأ الساقي وسأله : وماذا أفعل حتّى لا أؤذيه برائحة فمي؟

فقال الوزير : عليك أن تضع لثاماً حول فمك عندما تأتي إلى القصر.

قال جميل : حسناً سأفعل.

وعندما أشرق الصباح وضع الساقي لثاماً حول فمه وحمل جرّته وإتّجه إلى القصر كعادته.

فإستغرب الملك منه ذلك لكنّه لم يعلّق عليه، وإستمرّ جميل يلبس اللثام يوماً عن يوم إلى أن جاء يوم وسأل الملك وزيره عن سبب وضع جميل للثام.

فقال الوزير : أخاف يا سيّدي إن أخبرتك قطعت رأسي.

فقال الملك : لك مني الأمان فقل ما عندك.

قال الوزير : لقد إشتكى جميل الساقي من رائحة فمك الكريهة يا سيّدي.

إنزعج الملك وذهب عند زوجته فأخبرها بالخبر.

فقالت : من سوّلت له نفسه قول هذا؟ غداً يُقطع رأسه ويكون عبرة لكل من سوّلت له نفسه الإنتقاص منك.

قال لها : ونعم الرأي.

وفي الغد إستدعى الملك الجلّاد وقال له :
من رأيته خرج من باب قصري حاملاً باقة من الورد فإقطع رأسه.

وحضر الساقي كعادته في الصباح وقام بتوزيع الماء وحين حانت لحظة ذهابه أعطاه الملك باقة من الورد هديّة له, وعندما همّ بالخروج إلتقى الساقي بالوزير فقال له الوزير : من أعطاك هذه الورود؟

قال جميل: الملك.

فقال له أعطني إياه أنا أحقّ به منك.!

فأعطاه الساقي الباقة وإنصرف.

وعندما خرج الوزير رآه الجلّاد حاملاً باقة الورد فقطع رأسه.!

وفي الغد حضر الساقي كعادته دائماً ملثّماً حاملاً جرّته وبدأ بتوزيع الماء على الحاضرين.

إستغرب الملك رؤيته لظنّه أنّه ميت، فنادى عليه وسأله : ما حكايتك... مع هذا اللثام؟

قال جميل : لقد أخبرني وزيرك يا سيّدي أنّك تشتكي من رائحة فمي الكريهة و أمرني بوضع لثام على فمي كي لا تتأذى.

سأله مرّة أخرى : وباقة الورد التي أعطيتك؟

قال جميل : أخذها الوزير فقد قال أنّه هو أحقّ بها منّي.

فإبتسم الملك وقال : حقًّا هو أحقّ بها منك وحسن النيّة مع الضغينة لا تلتقيان.



#خبريّة وعبرة

خدّام الرب ®

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.