HTML مخصص
26 Jan
26Jan

كانت البداية عبارة عن رحلة ، مجرّد رحلة ، ولكنّي لم أكن أدرِ أنّ هذه الرحلة ستكون مفترق طرق بالنسبة لحياتي وبسبب هذه الرحلة تغيّرت حياتي تماماً من النقيض للنقيض.


هل حجزت في رحلة دريم بارك يا شربل ؟ قالها لي صديقي فادي.

(نعم ، حجزت ، ستكون رحلة رائعة !!!! )

كانت الرحلة فعلاً جميلة وممتعة ، ذهبنا في البداية لزيارة كنائس لبنان القديمة ، ثمّ أبحرنا لمدة ساعة في البحر وأخيراً ذهبنا لدريم بارك.

وفي دريم بارك ، تجد ما لذّ وطاب من ألعاب خطيرة يشيب لها الولدان و تقشعرّ منها الأبدان وتخشى أن تبصرها العينان ، هنـــاك ( شلالات الأمازون ) ، ( دوامــة قيــصر ) ، ( كون دور ) ، ( Top Spin ) ، ( قطار الموت ) ، ( قطار الظلام ) كلّها ألعاب خطيرة وممتعة للغاية أيضاً وتشعر بعد ممارستها وكأنّك كنت في معركة ضارية مع قوّات الجحيم.

لست أدري حتّى الآن ما الذي يجذبني لهذه الألعاب! ولكن بعض علماء النفس يقولون إنه حبّ المغامرة وحب إكتشاف كل ما هو جديد وخطير ومرعب ( الطبيعة البشريّة المعقّدة ! )

وأخيرا ذهبتُ أنا و فادي للعبة ( الصاروخ ) وهي إسم على مسمّى ، فأنت تجلس على مقعد ثمّ في ثوانٍ تجد نفسك معلّقاً في السماء ، حتى أنّني كنت أدعو هذه اللعبة (من الأرض إلى السماء ).

تأهّبنا ( أنا و فادي ) وتشبّثنا بمقاعدنا و ....هوب.....وجدتُ نفسي في السماء خلال ثانية واحدة و كان المنظر بديعاً خلّاباً على إرتفاع ٦٠ متراً و.... توقّفت اللعبة ، نعم توقّفت أو تعطّلت ، لست أدري ، ولكنّي وجدتُ نفسي معلّقاً في الهواء على إرتفاع ٦٠ متراً و اللعبة معطّلة ولا أمل في بلوغ الأرض ثانية ، لقد كان موقف في غاية السخافة والرعب أيضاً ، لستُ أدري لماذا شعرتُ أنّها النهاية وأنّني سأصعد فعلاً للسماء بواسطة هذا الصاروخ المميت ، ولكنّي عندما راجعتُ نفسي و فكّرت في حياتي ، وجدتُ أنّني لن أصعد للسماء كما كنتُ أظنّ ، بل سأهبط لأعماق الجحيم ، بل لأعمق أعماق جهنّم.

لم أكن بعيداً تماماً عن ربّنا ، ولكن لم يكن لي علاقة قويّة معه ، كانت علاقتي به متذبذبة ، لأنّي كنتُ منشغلاً بكثير من الأمور عنه ، الدراسة و الفسح والرحلات والمعسكرات و كل مباهج الدنيا.....

نعم كنت أتذكّر ربّنا دائماً وقت الشدّة ، وقت الإمتحانات ، وقت النتيجة ، وقت الأزمات والكوارث ، مثل الموقف الذي أنا فيه الآن .....

( يا عدرا ، يا أم النور ، يا مار شربل ، يا مارجرجس ، يا مار الياس ، يا قديسة رفقا ، يا قدّيسة ريتا ، يا.... )

كان هذا صوت فادي ، فقد كان يذكر القدّيسين حتّى ننجو من هذه الورطة ، أمّا أنا ، فشعرتُ أنّ الموقف شديد الخطورة فعلاً ، فقرّرت أن أصلي لله مباشرة وأيضاً طلب شفاعة القدّيسين.

( يارب ، كم وكم تمهّلت عليَّ ، كم من مرّة أخطأتُ وأنت تغفر لي ، كم من مرّة أغضبتكَ وأنت تسامحني ، لقد إستهنت كثيراً برحمتك ، تماديتُ كثيراً يا إلهي ، أغلقتُ أذني لكي لا أسمع صوتك ، إنشغلتُ كثيراً بالعالم وأموره الفانية ، وتناسيت أنّ العالم يمضي وشهواته معه ، أمّا الآن وأنا معلّق في السماء وأنا أكثر قرباً منك ، أجد أنّ كل ما في العالم هو سراب ، إقبل صلاتي يا إلهي وأعطيني فرصة أخيرة بشفاعة وصلوات مريم العذراء وجميع القدّيسين ، إشملني برحمتك هذه المرّة أيضاً ، أغفر لي يا إلهي وأعطني فرصة أخيرة لكي أحيا لك حياةً جديدة ).


وعادت اللعبة المميتة تعمل بعد ٣٠ دقيقة ،أخطر ٣٠ دقيقة في حياتي ، لقد كانت من الدقائق القليلة التي شعرتُ أنّها غيّرت حياتي تماماً.


"فإسهروا إذاً لأنّكم لا تعرفون اليوم و لا الساعة التي يأتي فيها إبن الإنسان"

( مت ٢٥ : ١٣ )



#خبريّة وعبرة
خدّام الرب ®

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.