HTML مخصص
18 May
18May

في وقت من الأوقات كان هناك ملك نبيل وعظيم ولكن أرضه كان يُرهبها ويُفزعها تنّين ماكر.

كان ذلك التنين مثل الطائر الضخم الذي يسعد بفريسته.

فقد كانت سعادة ذلك التنّين هي إتلاف القرى عن طريق أنفاسه المتّقدة بالنار.

وقد كان يجري الضحايا تعساء الحظ من بيوتهم المحترقة بالنار محاولين الفرار ولكن ذلك التنّين كان يلتقتهم في فكّه أو مخالبه.

وقد كان من يلتهمه التنّين مباشرة حظّه أحسن حالاً من هؤلاء الّذين يُحملون إلى مخابئ التنّين حتّى يلتهمهم في وقت فراغه.

وقد كان الملك يقود أبنائه وفرسانه في كثير من المعارك الباسلة ضد ذلك التنين.


وفي يوم من الأيّام كان إبن من أبناء الملك يتمشّى وحيداً في الغابة راكباً على حصانه.

وفجأة سمع الأمير أحد ينادي إسمه بصوت خافت وناعم.

وقد ظهر في ظلال نباتات السرخرس والأشجار شيء ملفوفاً في حجر الجلمود فقد كان التنّين يجلس في ذلك المكان.

وقد كانت أعين ذلك المخلوق الغليظة مثبّتة على الأمير وكان فمه يضحك كما لو كان صديق وليس عدواً.

قال التنّين :"لا تنزعج" بينما كان هناك بعض الدخان الرماديّ يصعد من أنفه.

"إنّني لست كما يعتقد والدك"


فسأله الأمير :

"فماذا أنت إذن؟"

بينما كان يسحب سيفه بحذر حتّى يحمي حصانه الخائف من الهجوم.

قال التنّين :

"أنا السَّعادة، إركب على ظهري وسوف ترى أكثر ممّا تتخيّل، تعال الآن فليس لديَّ أي دوافع مؤذية، فأنا أسعى كي أحصل على صديق ليشاركني صراعاتي، هل حلمت يوماً ما بالطيران؟ ألم تشتاق يوماً أن تعلو عالياً وسط السحب؟"

إنّ آمال الملك في الطيران فوق الهضاب العالية لتلك الغابة جذبت الملك متردّداً من على حصانه ثمّ فرد التنّين إحدى جناحيه كي يستخدمها الأمير كسلّم حتّى يصل إلى ظهره.

وفي وسط المعوقات الشائكة على ظهر التنّين وجد الأمير مكان آمن يجلس عليه.

ثمّ أغلق هذا المخلوق أجنحته القويّة ثمّ فردها في السحاب.

وعندها ذابت خشية الأمير في سعادته بالطيران.

ومن ذلك الوقت فصاعداً بدأ الأمير في مقابلة التنّين بإستمرار ولكن سريًّا لأنّه كيف له أن يُخبر والده وأخوته أو حتّى الفرسان بأنّه أصبح صديق لعدوّهم؟

وبدأ الأمير يشعر بأنه منفصل تماماً عن كلّ هؤلاء الناس.

فلم تعد إهتمامتهم ومخاوفهم هي نفس إهتماماته ومخاوفه حتّى أنّه في الأوقات الَّتي لم يكن فيها مع التنّين كان يقضي وقت قليل مع هؤلاء الَّذين أحبّهم من قبل والوقت الأكبر كان يقضيه مع نفسه.

أصبح جلد أقدام الأمير ناشفاً بسبب تسلّقه لظهر التنّين وأصبحت يده خشنة وجامدة.

وبدأ يلبس قفّازات في يديه حتّى يخفي يديه.

وبعد مرور ليالي عديدة في ركوبه على ظهر التنّين، إكتشف الأمير نموّ خراشف في يده تشبه الموجودة على ظهر التنّين.

وعندما أدرك الأمير كيف سيكون قدره إذا إستمرّ في ذلك، قرّر ألّا يعود مرّة أخرى لذلك التنّين.

ولكن بعد مرور أسبوعين بدأ الأمير في الذهاب إلى التنّين حيث أنّه كان معذّب برغبته في التسلّق مرّة أخرى.

ومهما كانت التكلفة وجد الأمير نفسه ينجذب لذلك التنّين مرّة أخرى كما لو كان ظهر ذلك التنّين هو ما يجذبه وكان التنّين ينتظره دائماً في صمت وصبر.


وفي ليلة باردة تحوّلت رحلة الأمير مع التنّين إلى غزوة لقرية صغيرة نائية.

كان التنّين بمجرّد إشعال الأسطح بالنار من خلال أنفه يزأر سعيداً وخاصة عندما يفرّ الضحايا الخائفين من بيوتهم المحترقة.

كان التنّين الماكر يقذف بالقوّة وكانت لهب النار تملأ مجموعات القرى المنفزعة.

وعندها أغلق الأمير عينيه بشدّة محاولاً أن يمنع تلك المذبحة، كان من المعتاد قبل حلول أولى ساعات الفجر في الوقت الّذي كان ينزل فيه الأمير من على ظهر التنّين في طريقه إلى بيت الملك والده يكون الطريق فارغاً.

ولكن لم يكن هذا هو الحال في تلك الليلة.

فقد كان اللاجئون الخائفون يذهبون إلى أسوار الحماية للقلعة.

ووقتها حاول الأمير أن يهرب خلال الجمهور المحتشد حتّى يصل إلى غرفته ولكن أحد من الناجين حدَق النظر فيه ثم شاور عليه.


صرخت إمرأة :

إنّه هناك.. لقد رأيته على ظهر التنّين."

ثمّ حرك الآخرين رأسهم بالموافقة على ما قيل.

وفي منتهى الرّعب رأى الأمير والده الملك في ساحة الدار يحمل بين ذراعيه ولداً صغيراً ينزف.

وحاول الأمير أن يفرّ آملاً أن يختفي في الظلام ولكن فجأة ظهر الحرّاس ليطاردوه كما لو كان لصّ عاديّ.

ثمّ أحضروه إلى الساحة الكبيرة حيث كان والده يجلس على العرش وكان الناس في كل مكان يصرخون ضدّ ذلك الأمير.

سمع الأمير واحد من أخوته يصرخ بغضب :

"أنفيه خارجاً"

وكانت أصوات أخرى تصرخ :

"أحرقه حيًّا"

عندما قام الملك من على عرشه كان هناك بقع من الدم على ملابسه الملكيّة.

ووقتها صمت كلّ الجمهور في إنتظار وتوقّع بالمرسوم الملكيّ.

وكان الأمير الّذي لم يستطع النظر في وجه والده يحدّق النظر على الأرض.

أمره الملك قائلاً :

"إخلع قفّازك وملابسك الملكيّة."

وبالفعل أطاع الأمير الملك ببطأ وخوف لأنّه كان يعلم أنّ جميع الموجدين بالمملكة سيرون التغيير الَّذي حدث في جسمه."

لم يكن خجله كافياً؟ فقد كان يأمل الأمير في ذلك الوقت الموت السريع بدون مزيد من الإذلال.

وبدأت الأصوات تثور وتغضب على الأمير وعلى ما حدث في جلده الذي أصبح يشبه التنّين.

وقف الملك أمام الأمير وكان الأمير متأكّداً كلّ التأكّد أنّه سيجد يداً تضربه حتّى وإن كان لم يكن ضُرب من قبل من والده.


ولكن بدلاً من كلّ ذلك وجد الأمير الملك يعانقه ويبكي في حضنه.

وفي هذا المشهد الغير متوقّع وضع الأمير وجهه بين أقدام والده.

"هل ترغب أن تتحرّر من ذلك التنّين يا بُنَي؟"

ردّ الأمير في خجل :

"لقد رغبتُ في ذلك عدّة مرّات سابقة ولكن لم يعد هناك أملاً بالنسبة لي."

قال الملك :

"لن تتمكّن بمفردك.. إنّك لن تستطع النصرة على التنّين بمفردك."

إنتحب الأمير وقال:

"أبي إنّني لم أعد إبنك بعد فقد أصبحتُ نصف تنين."


ولكن والده ردّ عليه قائلاً :

"إنّ دمي يجري في وريدك فنُبلي ما زال يطبع في داخلك وفي روحك."

وبينما كان وجه الأمير في والده سمع الأمير والده يأمر الجمهور قائلاً :

"إنّ ذلك التنّين اللَّئيم أسقط بعض الضحايا بعروضه والبعض الآخر أسقطهم بقوّته، ولكن سيكون هناك رحمة لكلّ من يرغب في الحريّة، فمن أيضاً منكم قد ركب على ظهر ذلك التنّين؟"

رفع الأمير وجهه ورأى شخص يخرج من وسط الجمهور المجتمع ولعجبه كان ذلك الشخص هو أخوه الأكبر منه الَّذي كان يصرخ ضدّه من دقائق قليلة بسبب إشتراكه مع التنّين في معاركه وآخرون جاؤوا وآخرون بكوا وآخرون خبّأوا وجوههم من الخجل، ولكن الملك عانقهم جميعاً.


أعلن الملك:

"إنّ أقوى سلاح لنا ضدّ التنّين هو ذلك الحقّ، لم يزل هناك صراعات مخفية وبمفردنا لن نستطع النجاة."





أخي.. أختي :


بعد قراءتك لهذه القصّة المعبّرة فكّر جيّداً وأكتب تعليق بالشيء الَّذي فهمته أو بالشيء الَّذي لمس قلبك وكان له صدى فى أعماقك.



#خبريّة وعبرة
خدّام الربّ ®

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.