HTML مخصص
09 Oct
09Oct


"إسمي آسيا وأنا مدينةٌ لكم بحياتي".


هذه هي العبارات التي يرتكز إليها الكتاب الجديد للمرأة المسيحية الباكستانية آسيا بيبي، والتي أطلق سراحُها بعد تسع سنوات من الأسر، والذي أعدته بالتعاون مع الصحفية الفرنسية آن إيزابيل توليه، وقد صدر مؤخرا في إيطاليا عن دار النشر Terra Santa.

المجلدُ هو عبارة عن صرخة شكر مدوية أطلقتها هذه المرأة المسيحية الباكستانية بعد سنوات الاعتقال الطويلة، والتي تعرضت خلالها لشتى أنواع المضايقات والإذلال وعانت من البرد والخوف الشديد. وما زاد من عذابها أنها أُبعدت عن طفلتيها، وعن والدهما. إنها صرخة امرأة بريئة حُكم عليها بالسجن بتهمة التجديف. فلاحةٌ كاثوليكية من "إيتان والي" وهي قرية صغيرة تقع في محافظة بنجاب الباكستانية. وقد مُنحت آسيا بيبي، بفضل هذا الكتاب الجديد الذي يروي معاناتها، مُنحت الجائزة الأدبية السابعة والثلاثين لحقوق الإنسان.


القضاء الباكستاني أصدر حكما بالإعدام بحق آسيا بيبي عام 2010 بعد أن أدانتها محكمة في محلة نانكانا بتهمة التجديف. وقد ثبّتت هذا الحكم المحكمة العليا في لاهور، في العام 2014، لكن بعد أربع سنوات وبالتحديد في شهر تشرين الأول أكتوبر من العام 2018 برّأ القضاء ساحتها لعدم توفّر الأدلة الكافية لإدانتها، كما رفض القضاء طلبا بإعادة فتح الدعوى. وتعين على آسيا بيبي أن تعيش لأشهر في مخبأ بمدينة كاراتشي، بعد أن هدد إسلاميون متشددون بقتلها، قبل أن تتمكن في شهر أيار مايو من العام 2019 من الانتقال إلى كندا حيث تقيم مع عائلتها تحت اسم مستعار، هربا من غضب المتطرفين الإسلاميين.


يروي الكتاب أنه في الرابع عشر من حزيران يونيو 2009، تبدلت حياتها إلى الأبد. ففي ذلك اليوم الحار جدا شربت من إحدى الآبار فيما كانت تعمل في الحقل. وقد اتهمتها بعض النسوة بأنها لوّثت البئر التي شربت منها، لأنها اعتُبرت "نجسة"، وأيضا بأنها أساءت لنبي الإسلام. تم اعتقالها في التاسع عشر من الشهر عينه، ومنذ ذاك التاريخ ذاع سيط هذه الفلاحة الأمية في العالم كله. وبالرغم من أنها لم تشأ ذلك، فقد أصبحت رمزاً من رموز المسيحية في باكستان وارتبطت قضيتها بقانون التجديف، الذي يعاني منه المواطنون المسيحيون والمسلمون على حد سواء.


ومما لا شك فيه أن هذا الكتاب الجديد يقدّم أيضا للأشخاص، الذين تابعوا قضيتها على مر السنين، إمكانية النظر عن كثب إلى قصة حياتها، والتعرف من خلال كلماتها على لحظات الأمل التي عاشتها خلال تواجدها في السجن، وكل العراقيل التي واجهتها. وهذه التجربة تحمل القارئ على رفع الشكر لله وللعديد من الأشخاص لأنه بفضل هؤلاء ما تزال اليوم آسيا بيبي على قيد الحياة. ومن بين هؤلاء الأشخاص، الكاتبة والصحفية الفرنسية آن إيزابيل توليه، التي تمكنت من استنفار الرأي العام العالمي حيال هذه القضية وصولا إلى منظمة الأمم المتحدة، كما قامت بتشكيل لجنة دولية عملت من أجل إطلاق سراح المرأة الباكستانية. وهذا هو كتابها الثالث عن آسيا بيبي، والأول الذي يحمل توقيع المرأة التي ناضلت من أجلها لسنوات طويلة.


وقد خصص المجلد فصلا ليتحدث عن معنى أن يكون المرء مسيحيا في باكستان، لاسيما في القرى حيث غالبا ما تحاول الحشود الغاضبة تطبيق العدالة بنفسها دون أن تنتظر حكم القضاء. والوضع أكثر خطورة بالنسبة للنساء، إذ إن الفتيات تتعرضن للخطف والاغتصاب، وتُجبرن على الارتداد إلى الإسلام، والزواج من المسلمين. وتختم آسيا بيبي هذا الكتاب بكلمة تفاؤل حيال رئيس الحكومة الجديد الذي وعد بالدفاع عن المسيحيين المضطهدين وجميع الأشخاص المستضعفين في باكستان.


المصدر : فاتيكان نيوز

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.