HTML مخصص
27 Mar
27Mar

تذكر الكنيسة في هذا الأربعاء من أسبوع الآلآم أيّوب البارّ الرّازح تحت الأوجاع والآلآم والصّابر عليها، إذ قال: "أنقبل الخير من الله ولا نقبل الشّرّ؟".

طبعًا كلّ عطيّة صالحة هي من جودة الله، أمّا الألم فلهو معناه التّكفيريّ عن الخطيئة الموجودة في العالم، في الشّخص وفي الجماعة.

ولا يمكن أن نفهم سرّ الألم إلّا في ضوء آلام المسيح الخلاصيّة، كطريق للعبور إلى حياة جديدة متمثّلة بالقيامة.

نقيم رتبة القنديل وهي تبريك الزّيت الّذي يمسح به جباه المرضى والمؤمنين.

هذه الرّتبة كانت في الأساس الاحتفال بسرّ مسحة المرضى الّذي يرمز إلى الشّفاء الرّوحيّ والجسديّ، عملاً بتعليم القدّيس يعقوب الرّسول: "إن كان أحدٌ منكم مريضًا فليدعُ كهنة الكنيسة فيصلّوا عليه ويمسحوه بالزّيت بإسم ربّنا.

فصلاة الإيمان تشفي ذلك المريض وربّنا يقيمه.

وإن كان قد اقترف خطايا فتُترك له".


رتبة المسحة بالزّيت هي علامة حبّ ربّنا للمتألّمين والمعذّبين والمرضى والخطأة.

والشّموع الّتي تضاء ترمز إلى نور المسيح الّذي ينعكس إيمانًا ورجاءً وحبًّا على وجه المتألّمين الّذين شفاهم حسّيًّا وروحيًّا.

ومع مريم أم يسوع.

لقد مشت مع إبنها طريق الجلجلة بألم الأم العميق، مشاركة إيّاه بآلامه وموته، وبقوّة كلمة "نعم" الّتي قالتها يوم "البشارة"، وباستذكار كلمة سمعان الشّيخ لها، ويسوع طفل ابن ثمانية أيّام: "أمّ أنت فسيجوز قلبك سيف" (لو ٢ / ٣٥ ).

وهي تسير مع كل أبنائها وبناتها في العالم الّذين تسلّمت أمومتهم من فم ابنها على الصّليب بشخص يوحنا الحبيب : "يامرأة هذا ابنك" ( يوحنَّا ١٩ / ٢٦ ).
في "نعم" البشارة أصبحت مريم أمّ يسوع التّاريخي، وفي "نعم" الجلجلة أصبحت أمّ المسيح السّري أي الكنيسة.

إنّها مثال كل أم في موقفها تجاه كل متألّم في بيتها.

ومثال كل امرأة تتكرّس لخدمة المتألّمين.

بل هي مثال كلّ إنسان يشارك الآخر في وجعه وحالته المرّة.

إلى مريم يتّجه نظر كل امرأة في محنتها لتستمدّ منها العزاء والقوّة.

وكذلك نظرُ كل انسان.

يسوع من قبله وأساسًا، قبل حكم إعدامه صلبًا وحوّله فعل حب عظيم لفداء البشريّة جمعاء.

هذه لنا مدرسة تعلمنا كيف نحول الشر خيرًا، والحرب سلامًا، والنزاع تفاهمًا، والاساءة غفرانًا، والخطيئة مصالحة.

عندما يدق الالم باب ذاتنا او بيتنا او محيطنا، ندرك اننا مدعوون، من خلال هذا الالم لنشارك في آلام المسيح لفداء العالم.

فنقول مع بولس الرسول: "أُتّم في جسد ما نقُص من آلام المسيح".

هذه هي القديسة رفقا، هذه هي القديسة تريز الطفل يسوع.

لا احد يستطيع ان يختار صليبه، بل الصليب يُوضع على كتفه، ينبغي ان يكون في جهوزية لحمله.

فالمسيح هذه المرة هو الذي يساعده على حمل هذا الصليب، آمين.



/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.