HTML مخصص
ما معنى قول مريم العذراء "تكرّسوا لقلبي الطّاهر تخلُصوا"؟

لماذ شاء الله أن يكون التكرّس لقلب مريم سبيل خلاص العالم في الأيّام الأخيرة؟
(ظهور السيدة العذراء في فاتيما بالبرتغال سنة ١٩١٧ المعتَرف به كنسيًّا)



(١) معنى التكرّس


نحن أولًا نتكرّس للمسيح بالعماد فننال ختم الروح القدس ونتحوّل عن الإنسان القديم ونولد من جديد.

وفي الذّبيحة يتكرّس consecration الخبز والماء بكلام التّقديس وفعل الروح القدس ليصييرا حسد المسيح ودمه.

وفي سرّ التّوبة يتحوّل التّائب ويتجدّد ويتكرّس مجدّدًا لله بفعل الروح القدس.

وكذا القول عن أسرار الكهنوت والزواج ومسحة المرضى حيث الروح القدس يحوّل مُتلقّي السرّ ويجدّده ويكرّسه لله.

واستنتاجًا، التكرّس هو استعدادُ المكرّس القلبيّ لأن يتحوُّلٌ ويتجدُّدٌ بفاعليّة الروح القدس.

فالتكرّس هو تجديدٌ لعهود المعموديّة وتفعيلٌ لحياة الروح من خلال أسرار الكنسيّة، لنكون في تحوّلٍ دائم من خلال مسيرةٍ روحيّة، بالتّواضع والصلاة والإماتة وإنكار الذّات وممارسة الأسرار، اقتداء بحياة مريم وتمثّلًا بفضائلها وبالتماس بشفاعتها.

والروح القدس والعذراء مريم يؤازران جهودنا لنتجدّد ونتحوّل ونتقدّم في حياتنا الروحيّة.

لذلك فإنّ أيّ تكرّس، سواء لقلب يسوع أو للعذراء أو للقدّيسين، هو أولًا تجديدٌ لتكرّس المعموديّة والتزامٌ بالتكرّس للمسيح.




(٢) لماذ شاء الله أن يكون التكرّس لقلب مريم هو سيبل خلاص العالم؟


قالت مريم "تُطوّبُني جيمع الأجيال" وقالت أليصابات "طوبى للّتي آمنت".

فتطويب الأجيال لمريم هو بسبب إيمانها، الذي هو الأعظم في العهد الجديد كما أنّ إيمان إبراهيم هو الأعظم في العهد العتيق.

وحيث أنّ إيمان مريم هو الأعظم، فشفاعتُها هي الأعظم، لأنّه على قدر إيماننا يُستجاب لنا.

في هذه الأزمنة ازدُري بالإيمان وأُهينت الأسرار وتفشّي الإلحاد وتفاقمت قوّة إبليس واشتدت هجماته وأصبح الثّبات في الإيمان ومقاومة التّجارب أكثر صعوبة من ذي قبل.

لذلك يريدنا الله أن نتكرّس لقلب مريم الذي هو مخزن إيمان لا حدّ له، لنقتدي بإيمانها وننال إيمانًا من إيمانها، ونسألها أن تثبّتنا في الإيمان فيقوى إيماننا بشفاعتها.

لأنّه لا خلاص من دون الإيمان والقداسة "التي من دونها لا يرى الربَّ أحد".

فلا بدّ لنا من اللجوء إلى مَن هي أقوى إيمانًا وأعظم قداسةً بين البشر على الإطلاق.

فإبراهيم هو أبونا في الإيمان ومريم هي أمّنا في الأيمان، والإيمان هو السمة الأولى لأمومة مريم.

وبتكرّسنا لقلبها نجدّد عهود معموديّتنا ونتكرّس للمسيح ويَفعل الروح القدس فينا ويحوّلنا عن إنساننا العتيق ونتجدّد ونرتقي بالرّوح من خلال مسيرةٍ روحيّة ركيزتها إيمان عميق تؤازرُنا فيه مريم.

ونثبت بالإيمان في وجه تجارب العصر وهجمات إبليس وننال الخلاص ونصير خميرةً تشفع في توبة العالم وخلاصه.

وهذا معنى "تكّرسوا لقلبي الطّاهر نخلصوا".

أمّا إلهُنا فله المجد. آميـــــــن.


/الأب أنطوان يوحنّا لطّوف/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.