HTML مخصص
01 Oct
01Oct

تولّى عرش النمسا الإمبراطور فرانس جوزيف و هو شاب عمره ١٨ سنة و قد ورث عن جدّته الإمبراطورة ماريا أنطوانيت ابنة الإمبراطورة ماريا تريزا إمبراطوريّة واسعة مترامية الأطراف ، فقد كانت النمسا وقتها ليست دولة صغيرة مثل الآن ، بل ظلّت تتّسع حتّى ضمّت أجزاء من إيطاليا و هولندا وألمانيا و غير ذلك من الدول.

كيف يحكم فرانس جوزيف الشاب هذه الإمبراطوريّة ؟!

لقد كان عنده قصور شتويّة وقصور صيفيّة أعظمها حالياً هو قصر الشامبرون الذي تفوّق على قصر فرساي في فرنسا ويوجد به حديقة مساحتها ٢ كيلومتر مربع وكل شيء بالقصر مطليّ بالذهب عيار ٢٤ قيراط والنجف تضيئه الشموع حيث كان مخصصاً له ٣٠٠ خادم لإضاءة الشمع قبل دخول الكهرباء.

أراد فرانس أن يستكمل الجمال فتزوّج أجمل فتاة هي الإمبراطورة سيسي إليزابيث التي كان يبلغ طول شعرها متر ونصف تقضي الساعات في تصفيفيه وقد أنجبت صبي و ٣ بنات والآن ماذا يريد أكثر من ذلك من الحياة ، لديه كل شيء في الدنيا ، كل ما يتمنّاه.

غِنى ... القصور الشامخة ... الزوجة الجميلة ... الأولاد .... لكنه عاد و راجع نفسه هل كل هذا يشبع النفس؟

وسرعان ما أفاق لنفسه .... وأخذ قرارا أن يترك الحياة المرفهة و يعيش مثلما بدأ عسكري صغير في الجيش ، فإكتفى بــ ٣ حُجرات فقط في القصر الذي بلغ عدد حُجراته ١٤٤٢ حُجرة ، وطلى الذهب الذي يزيّن الحُجرة بدهان رمادي وعمل مكان يركع فيه ليصلّي في حُجرة نومه وتعلّم حرفة النجارة حتّى يكون مثل أي شخص عادي يتعلّم حرفة ، وأصرّ أن ينام على سرير ٨٠ سم من الحديد و مرتبة رفيعة مثلما كان جندياً صغيراً في الجيش مستغنياً عن السرير الإمبراطوريّ المرصّع بالذهب الذي يبلغ عرضه ٢٦٠ سم و فتح حديقة القصر الشاسعة لكل الناس يتنزّهوا بها ، فلماذا يحرم أخوته من هذه المتع ؟

وكان يلصق صور القدّيسين الصغيرة على خزانة ملابسه حتّى تجد صورة ١٠٠ قدّيس في حُجرته.

و طلب أن يقابل كل إنسان لديه مشكلة ويريد مقابلته ، فيستقبله و يتحدّث معه و هو واقف إحتراماً له ، وأبدل أثاث حُجراته الثلاثة بأساس بسيط للغاية و أحبّ شعبه و بادله الشعب الحبّ وأطال الله عمره حتّى حكم الإمبراطوريّة أطول مدّة حكمها أباطرة أوربا ، فحكم من سن ١٨ سنة حتّى ٨٦ سنة.

وشعر بالسعادة الحقيقيّة عندما أحبّ الله وترك من أجله الكثير وأحبّ شعبه وبذل كل جهد لإسعاد كل فرد فيه ، فهذه حقاً هي السعادة وكل زائر يزور القصر يتعجّب للفارق الشاسع بين حُجرات الإمبراطور الثلاث وحُجرات زوجته الإمبراطورة المرصّعة بالذهب و الأثاث الفاخر و لكن من كان أسعد؟؟؟
الذي أحبّ إلهه و شبع به و ضحّى من أجل إسعاد الآخرين أم التي عاشت لنفسها تحاول أن تشبع من متع العالم؟؟؟؟


"جلستُ على قمّة العالم حين صرتُ لا أشتهي شيئاً ولا أخاف شيئاً"
(القديس أغسطينوس)




#خبريّة وعبرة
/خدّام الربّ/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.