HTML مخصص
28 May
28May

"لا تضطرب": كان الحديث في الفصل السابق مقلقًا ومُخيفًا للتلاميذ، فهناك الخيانة والموت والإنكار، وبسبب كل هذا ساءت حالتهم النفسية.

ولهذا، بدأ المسيح في تعزيتهم وتشجيعهم بكلام طيب لينزع عنهم الاضطراب، ويقدم لهم علاجًا، وهو الإيمان به وبكل ما قاله، وألا يقل إيمانهم به عن إيمانهم بالله ذاته.

"أنتم تؤمنون بالله": يقدم السيد المسيح هنا أول علاج نافع للقلق والاضطراب، وهو مقدَّم لنا جميعًا وليس للتلاميذ فقط، وهو الإيمان بالله، أي به، وبكل وعوده الصادقة التي وعدنا بها في شخص تلاميذه.


† الإيمان بالله، المدبّر القوىّ والمحبّ لأولاده، هو أول وأهم علاج للقلق؛ فليتنا نحتمى به في وقت الضيقة والتجربة.

يقدم المسيح جانبا مشرقا لتلاميذه، وهو أنه إن فارقهم إلى حين، فهذا من أجلهم -ومن أجلنا- ليعد مكانا في السماء حيث المجد غير المنظور.

وكلمتى "منازل كثيرة"، تعني اتساع السماء غير المتناهى، وتعنى أيضا أن هناك منزلة تعلو عن أخرى، كما أشار القديس بولس في (1 كو 15: 41). فإن كان الله، في حبه، قبل أبنائه المؤمنين في ملكوته، فإنه أيضا، في عدله، يكافئ كل إنسان بحسب تعبه وجهاده.

فراقى عنكم ليس أبديا، بل سوف آتى أيضًا - في مجدى - وأضمكم إلىَّ، فتتمتعون بالوجود الدائم معى، الذي ليس بعده فراق، فأينما كنت تكونون أيضًا معي.


وهذا الوعد جعل القديسين، في كل الأجيال، لا يهتمون بهذه الحياة الأرضية، بل إن كل قلوبهم كانت معلقة على حضن المسيح، فلا يوجد شعور في العالم كله يعادل هذا الشعور الروحي في سعادته.

"وتعلمون حيث أنا أذهب": المقصود به الذهاب إلى السماء، ولكن مرورا بطريق الصليب.


كأن ما قاله السيد المسيح في الأعداد السابقة لم يُشبع توما -التلميذ العقلاني- بل ربما زاده حيرة، فنجده في حالة استفسار، فقد أقر بأنه لا يعرف المكان، وبالتالي، لا يعرف الطريق إليه، وقد قال سؤاله بصورة جمع فيها التلاميذ معه.

كالعادة، يجيب السيد المسيح على سؤال زمني ومكانى محدود بإجابة روحية عميقة، فهو الطريق لكل تائه في غربة العالم متخبط في خطاياه، وهو الحق، أي كل ما عداه وخارج الإيمان به هو باطل؟ وهو الحياة، فيتمتع به كل من يحيا معه على الأرض، ولا ينزعج من تقلبات العالم، حتى يصل إليه في السماء، فهو الحياة الأبدية "وليس بأحد غيره الخلاص" (أع 4: 12).

† ليتنا نتعلم من توما أن نسأل الله ومرشدينا في الرب في كل ما نجهل، فيكشف لنا الله ما هو أبعد وأعمق مما كانت ستصل إليه عقولنا.


/خادم كلمة الربّ/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.