HTML مخصص
12 Feb
12Feb

لماذا التشديد على غسل الأرجل؟ في زمن يسوع كان الناس يمشون حفاة على طرقات أغلبها ترابية ليست معبّدة.

وفِي العادة كان صاحب البيت يُقدّم للزائر إناءً مليئاً بالمياه ليغسل قدميه فيدخل نظيفاً إلى داخل المنزل ويتكىء بين الضيوف وأهل البيت.

وإذا كان الضيف عزيزاً جداً كان صاحب البيت يُغسل له قدميه بنفسه مظهراً له الاحترام الشديد.عندما زار يسوع سمعان الفريسي، أتت تلك المرأة المصنّفة بين الزناة وكسرت قارورة طيبٍ غالية الثمن ودهنت رأس يسوع، وغسلت قدميه بدموعها ونشّفتهما بشعرها!!! فقال سمعان في سرَّه: " لو كان هذا نبيّا لعرف من هي تلك المرأة".

سأله يسوع قائلاً:" لماذا تفكّر السوء في قلبك؟" متهماً إيّاه بالتقصير في واجب خدمة الضيافة، ومثنياً على عمل المرأة التي أحبّت كثيراً فسيُغفر لها الكثير...

إنها روحانية "المئزرة" تنتصر على الروح الفرّيسية في كل زمان ومكان.


أما الْيَوْمَ فالطرقات مُعبّدة لا أوحال فيها والنَّاس ينتعلون أحذية نظيفة، فهل من حاجة إلى "غسل الارجل"؟ نعم ... نعم أكثر من أي وقت!!

لا أحد يمشي على طرقات العالم دون تلوّث... بمعنى آخر اذا كنّا نعتقد أن الانسان ملاكاً لا نقص فيه فنحن مخطئون. وإذا كنّا نبحث عن أصدقاء "كاملين" لن نجد.

في إنجيل الْيَوْمَ دعوة صارخة لكلٍ منّا للتوقف فوراً عن "جلد الاخر" والمبادرة فوراً إلى غسل سلوكه الأكثر اتساخاً وتشجيعه على التوبة بفعل الحب العجيب.

ماذا ينفع اذا تناولنا الاخر في صيته وسمعته وسرد سيئاته وهو غائباً؟ أليس من الافضل التكلم معه بدل التكلم عليه؟ فالكلمة الطيّبة تشفي وترمم ما تهدم وخرب. والمبادر إلى السلام هو الاقوى، والمتسلح بالغفران هو الأبقى...

ألا يغفر الحب جمّاً من الخطايا؟ ألا يُتهم من يقع في "الحب" بالعمى؟!!

من هنا نفهم تشديد يسوع على روحانية "المئزرة" أي "غسل الارجل" وهي الاصعب على الإطلاق والاولى بين المواهب الروحية "إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا، وعَمِلْتُمْ بِهِ، فَطُوبَى لَكُم!"

في اليوم الأخير من أسبوع الكهنة يذكرنا يسوع بأن المسؤولية هي خدمة فعلية وجدية تصل حتى الانحناء الكلي لغسل أرجل بَعضنا.. عند هذا الحد تموت الكبرياء من أصلها، اذ تخرج منا الانانية بفعل الحب العجيب لتصل الى ذات الاخر نعمة تُحوّل ما بيننا الى سلام ابناء الله.

نهار مبارك


/الخوري كامل كامل/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.