HTML مخصص
06 Feb
06Feb

بحسب بدعة "العصر الجديد"، "التفكير الإيجابيّ" هو أن يطرد الشخص من عقله الأفكار السلبيّة ويتجنّب الأشخاص الذين يؤثّرون فيه سلبيًّا ويعطونه "طاقة سلبيّة".

فيحقّق الطمأنينة وتزدهر علاقاته ويؤثِّر في الآخرين و"يجذبهم" إليه.

لهذا يرتبط "التفكير الإيجابيّ" بما يسمّى "قانون الجذب"، الذي يزعم أنّ للعقل "طاقةً" تُحوّل الأفكار الإيجابيّة إلى واقع.

فعندما يفكّر المرء بالصحّة والشهرة والرفاهيّة، تتحقّق له.

وهذه النظريّة لا أساس علميّ لها، فإسمها جذّاب للجهّال وغايتها إستقطاب النّاس إلى هذه البدعة.

ولو كان هذا "التفكير الإيجابيّ" ممكنًا، لما عانى البشر الضيق والحزن والألم.

فالإنسان لا يملك السيطرة على أفكاره ومشاعره، وفي حال وجود أزمة حادّة أو عقدة نفسيّة، يستحيل تحقيق "التفكير الإيجابيّ" ما لم تحلّ العقدة أو الأزمة. وقد قال بولس الرسول:

"الشرُّ الذي لا أريده إياه أفعل"
(رومة ١٩:٧).

هذا "التفكير الإيجابيّ" لم ينفع الرّسول لحلّ أزمة تجربة الخطيئة، ولهذا قال: "ويلٌ لي من إنسان".

وكلّما ازدادت حِدَّة الأزمة، ازدادت صعوبة تحكّم الشخص بمشاعره.

وقد يحاول طرد المشاعر السلبيّة، لكنّ ذلك يبقى على المستوى السطحيّ، بينما تستمرّ الأزمة تحفر عميقًا في نفسه، ويتسمرّ الألم في التّفاقم.

فكيف يفكر إيجابيًّا من خسرَ شخصًا عزيزًا أو ضاعَ كلّ ماله؟ أي أنّ وعود "التفكير الإيجابيّ" باطلة، وهي تقنيّة من ابتكار إبليس، الذي لا يريد خير البشر ولا يريدهم أن يتحرّروا من أزماتهم.

والتّمارين العقليّة التي يخضع لها الأشخاص ليتعلّموا "التّفكير الإيجابيّ" عديمة الفائدة، تُفاقِم الأزمات النفسيّة بدلًا من أن تحلّها، وتستغلّ المنضوين فيها ماديًّا ومعنويًّا.

وحيث أنّه لا أساس علميّ لها، فهي تستعمل العقل لغير وجهة استعماله، فتؤذيه بدلًا من أن تُفيده.

والأخطر أن يَستدعي "المدرّب" الأرواح الغريبة لتتدخّل في "العلاج"، فيحدُث أذى على المستوى الروحيّ.

وهذه النّظرية تقطع الشخص عن علاقته بالله وتجعله يعتمد على ذاته للتعامل مع صعوباته.

وتُكمن وراء هذه النظريّة نظريّة أخرى خبيثة، وهي مَقولة إنّ الإنسان "إله" ويستطيع التّعامُل مع أزماته بنفسه دونما حاجة إلى معونة الله.

وعندما يُعزَل عن إلهه يصير فريسة لإبليس، يعمل فيه ليخرب عقله وجسده وكيانه.

ومن نتائج "التّفكير الإيجابيّ" اليأس. فالشخص يجد نفسه وحيدًا وعاجزًا عن حلّ أزماته "بالتّفكير الإيجابيّ".

لذلك فالرّجاء المسيحيّ هو المستهدَف من وراء هذه النّظرية، وهو البديل الذي لا يريدنا الشيطان أن نلجأ إليه.

فمع الإبتعاد عن الله وتفاقم الأزمات وأذية العقل المحتملة، واليأس المحتّم، يتكشّف لنا خبث هذه النّظريّة وخطرها.

أما الرّجاء المسيحيّ فيجعل الشخص يُفكّر أنّ الله معه في أزماته، فهو لا "يتركنا ولا يخذلنا" (عبرانيّين ٥:١٣).

الرّجاء المسيحيّ هو "تفكير إيجابيّ" حقيقيّ، يرفعنا إلى الله، نجدتُنا وخلاصُنا.

"نحن وُلدنا ثانيةً بقيامة المسيح، لرجاء حيّ بريء من الفساد محفوظ لنا في السموات"
(١ بطرس ٣:١-٤).

"فلنلجأ إلى هذا الرجاء ونتمسك به، فهو لأنفُسنا مرساةٌ أمينةٌ تخترق الحجاب، إلى حيثُ دخل يسوع من أجلنا سابقًا لنا"
(عبرانيّين ١٨:٦-٢٠).

وبتمسكنا بهذا الرجاء نخترق الأرضيّات بما فيها من مشقّة لنبلُغ السماء، التي فتحها لنا يسوع ربّنا بفدائه (عبرانيّين ١٩:١٠).
له المجد. آمــــــين.


/الأب أنطوان يوحنّا لطّوف/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.