HTML مخصص
22 Mar
22Mar

كانت الدنيا فى ظلام دامس , وأنا أرقد على سريري وعندما سمعت الباب يطرق .... حاولت أن أتجاهل الصوت , ولكنه إستمرّ يطرق بإلحاح.

فقمت متثاقلاً أتحسّس طريقي إلى الباب.

إصطدمتُ بعدّة أشياء وقع بعضمنها على الأرض محدثاً ضجّة واخيراً وصلتُ إلى الباب وتحسّسته حتى وجدتُ المقبض فأدرته وفتحته.

أغمضتُ عينيّ للحظات من شدّة الضوء خارج الحجرة وبعد ثواني نظرتُ إلى الشخص فبادرني قائِلاً :

"لقد جئت لأتعشى معك".

لم أتذكّر أنني دعوتُ أحداً ولكنّني قلتُ "تفضّل" دخل ووضع المصباح على المنضدة وكان نوره قوياً فرأيتُ الغرفة كلّها ...كانت أبشع وأقذر كثيراً ممّا تخيلت ...
كنت أعلم أنها غير نظيفة ولكن ليس إلى هذا الحد المُزرى. نظرتُ إليه فى خجل... لم أعرف ماذا أقول ,فبادرنى قائِلاً :
"يجب أن أنظّف هذه الحجرة قبل العشاء,فهل تسمح لى ؟".

أومأت برأسي بالإيجاب وأنا في شدّة الخجل .وبدأ هو العمل فوراً.

بدأ بالأرض... رمى أشياء كثيرة كانت تبدو مهمّة فيما مضى, ولكنها صارت بلا أهميّة منذ تلك اللحظة ...

ألقى بنفايات وددت لو تخلصت منها منذ زمن طويل , ولكني لم أفعل ...
قام بتنظيف تراكمات سنين عديدة.

بعد فترة قال لي :

"ماذا عنا الصندوق الملقى فى ركن الحجرة ؟ "

"ماذا عنه"

"ماذا تضع فيه"

"هو صندوق نفايات ,ولكني أحتفظ في داخلة بأشياء أحبها وأعتزّ بها كثيراً وأريد الإحتفاظ بها"

"ولكن إن كنتَ تريد الحجرة نظيفة فعلاً فلابدّ من رميه خارجاً,إنّه يشوّه منظر الحُجرة"

"ارجوك لا ترميه ,أنا أريد الإحتفاظ به"

نظر إليَّ متوسّلاً, يلتمس موافقتى فإستسلمت لنظراته وأجبت :
"حسناً إفعل ما تريد".

فإبتسم وفي ثواني إختفى الصندوق.

إستمرّ يعمل حتّى لمعت الغرفة من النظافة , وعندما إنتهى قال :

" هل تحبّ أن أفعل لك شيئاً آخر ؟ فهناك أمور عديدة يجب أن نصلحها "

"حسناً إفعل ما تريد ولكنّي أرجوك أن تنتهي من العمل بسرعة فأنا أحبّ أن أحافظ على خصوصيّاتي"

أجاب "ولكنّي كنت أفكّر بالمعيشة معك لأساعدك دائماً"

قلت "ولكن وجودك هنا سيقيّد من حريّتي التي أستمتع بها جداً"

"إن لم أمكث معك هنا فسوف تتّسخ الغرفة مرّة أخرى ..... وإن أنا خرجتُ فسوف تعيش فى ظلام لأنّ المصباح معي ..... ثمّ إنّي أريد أن أجمّل هذة الحُجرة وأزيّنها لنعيش فيها سوياً عندئذ لن يعوزك شيء"

نظرتُ إليه وقد إستسلمتُ لنظرات عينيه وقلت "أهلاً بك في حجرتي"

إنتبهتُ من غفلتي وإذا بالإنجيل مفتوح أمامي وأنا أقرأ في سفر الرؤيا الفصل الثالث الآية العشرون :

"ها أنا واقفٌ على الباب وأقرع إن فتح لي أحد أدخل وأتعشّى معه وهو معي"





عزيزي القارئ...


إنّه على الباب يقرع فلنفتح له ونتمتّع بوجوده يكشف لنا ذاته ويكشف لنا محبّته ويفتح لنا قلبه ويشعرنا برعايته وإهتمامه ....

عجيب هذا الإله المحبّ الذي يعطي أهميّة لخليقته بهذا المقدار!


#خبريّة وعبرة
/خدّام الربّ/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.