HTML مخصص
17 Dec
17Dec


المهمة هي إيجاد شيء هو الأكثر سروراً لله :
قال الله لأحد الملائكة : “إنزل إلى الأرض وسافر في كل العالم حيثما تريد… عندك من الوقت ما تريد من غير تحديد... أجلب لي ما يثير في أكبر قدر من الإعجاب مما تراه على الأرض”ـ


راح الملاك ينزل من المجد الإلهي حيث يمجّد الله، إلى هذا العلم المليء بالناس الخاطئين.

وكان الملاك يعرف أنه كان مكلّفاً بمهمة خاصة… التمييز…
“عليّ أن أجلب ما هو الأكثر سروراً لله”
وراح يبحث ويبحث، وفي رحلته وصل إلى مكان فيه حرب...
رجل جريح، في اللحظات الأخيرة من حياته، ينزف القطرة الأخيرة من دمه، تاركاً في البيت أرملة وأطفال يتيتّمون… حمل الملاك قطرة الدم ومضى إلى عند الله.
قدّم ما معه.

نظر الله وقال :
“نعم...جميل! هذا شيء رائع! لقد وهب حياته ليدافع عن بلده! إنه بطل! سوف يحصل على إكليل البطل! أرملته وأطفاله اليتامى سوف يبقون في البيت… هذا باهر! لكني طلبتُ منك أن تجلب لي الشيء الأكثر سروراً… إذهب وفتّش عنه!”.

مضى الملاك ، مسافراً إلى هنا وهناك، باحثاً، مفتشاً، مستقصياً.

وصل بترحاله إلى مستشفى... كان هناك إمرأة تعاني من مرض معدٍ لا شفاء منه، معزولة في غرفة.
لقد أرادت أن تظهر محبتها وحنانها لإنسان مريض بأن تقف إلى جانبه…
كانت تعرف أنها قد تُصاب لكنها لم تستطع أن تبقى بعيدة، فمضت إلى هناك، وصارت مريضة إذ إلتقطت الجرثومة.
هي الآن في أواخر لحظات حياتها… رأى الملاك ذلك وقال :
“أعتقد أنّ هذا ما يعجب الله!”
فمضى ليخبره.
“إطّلع أيها الرب!”

فأجاب الله “نعم، رائع! رائع! لكن أخبرتك بأن تجلب إليّ أكثر الأشياء أهمية!
إذهب.
فتّش.
إبحث بعمق أكثر.
تابع البحثّ! لا تنسَ : أكثر الأشياء أهميّة يعجبني، فإجلبه إليّ!”


في تنقّله، رأى الملاك لصّاً كبيراً، فركّز عليه…
كان هذا اللص قد إرتكب القتل مرات، وإغتصب النساء، وقام بعمليات سطو كثيرة… وكان ذلك اللص المشهور، الذي يرعب تلك المنطقة، يتحيّن اللحظة المناسبة ليقترب من بيت منفرد في القرية، حيث تعيش إمرأة شابّة وطفل…
فإنتظر إلى أن حلّ الليل حتّى لا يكشفه أحد.
وبعد حلول الليل، نظر عِبر النافذة : كانت الشمعة مضاءة، إمرأة مع طفل صغير، رسمت إشارة الصليب على طفلها بعد صلوات كثيرة… كان الطفل ينام على وسادة…
فوق رأسه كانت أيقونة والدة الإله مع الطفل يسوع… تابعت الأم صلواتها…

للمرة الأولى في حياته، بعد عقود من الخطايا العظيمة القبيحة ، أحسّ بثقل خطاياه، أدرك أنّ هذا ما كانت أمه تفعله عندما كان طفلاً...
… كان هناك شمعة… وكانت أمّه تصلّي… كم كان سعيداً في تلك الأوقات… ومن هذه الإستعادة، إستعرض حياته تمرّ أمام عينيه، مع كل الجرائم التي إرتكبها والخطايا الجسيمة التي إقترفها والنساء والسرقات...
… ورأى للمرة الأولى… عمل الله في نفسه… ليرى حياته وأعماله وأقواله.

هكذا أعانته نعمة الله ليرى نفسه… الآن هو عند النقطة حيث المفتَرَض به أن يدخل، كان عند النافذة، يتأمّل حياته… نزلت دمعة التوبة على خد هذا اللص… إلتقطها الملاك وقال :

“أعتقد أن الرب سوف يعجبه هذا!”

ومضى إلى الله وأعطاه ما جلب.

قال الله :
“نعم! هذا أقصى السعادة عندي! هذه الدمعة…”



أترون يا أعزائي؟!

“إن محبة الله لأكبر الخطأة تفوق إلى ما لا نهاية محبةَ أعظم القديسين للّه”

إنها المحبة العظيمة التي يكنّها الله لنا نحن الخطأة… لقد ترك وراءه الخراف التسعة والتسعين، والملائكة في السماء الذين يمجّدونه بغير إنقطاع، وأتى إلينا، نحن الخراف الضالّة، كل الجنس البشري من آدم إلى اليوم، نحن خراف ضالّة..


٢٤ لكِنَّكَ تَرْحَمُ الْجَمِيعَ، لأَنَّكَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَتَتَغَاضَى عَنْ خَطَايَا النَّاسِ لِكَيْ يَتُوبُوا.
٢٥ لأَنَّكَ تُحِبُّ جَمِيعَ الأَكْوَانِ، وَلاَ تَمْقُتُ شَيْئًا مِمَّا صَنَعْتَ؛ فَإِنَّكَ لَوْ أَبْغَضْتَ شَيْئًا لَمْ تُكَوِّنْهُ.
٢٦ وَكَيْفَ يَبْقَى شَيْءٌ لَمْ تُرِدْهُ؟ أَمْ كَيْفَ يُحْفَظُ مَا لَسْتَ أَنْتَ دَاعِيًا لَهُ؟
٢٧ إِنَّكَ تُشْفِقُ عَلَى جَمِيعِ الأَكْوَانِ، لأَنَّهَا لَكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الْمُحِبُّ لِلنُّفُوسِ. (حك ١١)



/الأب سيرافيم/
#خبريّة وعبرة - خدّام الرب

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.