30 Sep
30Sep



القدّيسة تيريزا الطفل يسوع


ولدت القديسة تيريزيا الطفل يسوع، في بلدة إلنسون سنة 1873، من أسرة مسيحية هي التاسعة بين أبنائها، وحين بلغت الخامسة عشرة من عمرها، انتسبت إلى دير سيدة الكرمل في ليزيو، حيث كانت قد سبقتها إليه ثلاثة من أخواتها.

توفيت في 30 أيلول سنة 1897، شغوفة بحب يسوع، مبتلاة بداء السل الرئوي.


في مستهل حياتها، كانت تعتبر بحماس بأن سبيل القداسة يستوجب “قهر الذات”، إلا أنها حين بلغت الثانية والعشرين من عمرها، بدَّلت من تفكيرها وأيقنت بأن القداسة ترتكز على إتقان ممارسة الأعمال اليومية الوضيعة التي يوجبها علينا واقع حياتنا الراهنة.


عاشت بطولة “طريق البساطة الروحية”، فارتقت في غضون سنوات قليلة إلى قمم مدهشة من الإيمان والرجاء. وفي غياهب الظلمات التي اجتازتها، عرفت كيف تظل أمينة ليسوع، بالرغم من المحن الروحية والأدبية والصحية، وثابرت عل الامتثال لتوجيهات أخواتها الراهبات، فيما يتعلَّق بالمتطلبات الرسولية للكنيسة.


هذا هو “طريق البساطة” إلى القداسة المرتجاة، أعادتها إلى الأذهان تيريزيا الطفل يسوع فَتَكنَّتْ بحق “تيريزيا الصغيرة”.


لقد كان شعارها الدائم قول الربّ يسوع:

“إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات” (متى18/3 ).

فعاشت الطفولة الروحية وشهدت لها، لذلك كانت تقول:

“سوف أبقى أبداً طفلةً ابنة سنتين أمامه تعالى كي يضاعف اهتمامه بي .. فالطفل يرتضي بصغره وضعفه ويقبل أن يكون بحاجة إلى المعونة ..سأتوكَّل على الله أبي في كلِّ شيء وأطلب إليه كلَّ شيء وأرجو منه كلَّ شيء.

سأترك له الماضي مع ما فيه من المتاعب والمآثم ليغفرها.. وسأقبل الحاضر والمستقبل منه مسبقاً كما تشاء يده الحنون أن تنسجها لي.. إنَّ كلَّ شيء يؤول في النهاية إلى خلاصي وسعادتي ومجده تعالى.. الله يعلم كلَّ شيء، وهو قادرٌ على كلِّ شيء.. ويُحبني.. سوف أبقى أبداً طفلةً أمامه وأحاول دوماً أن أرتفع إليه بالرغم من ضعفي ووهني.. الطفل الصغير يستطيع المرور بكلِّ مكان لصغره.. كم أتوق إلى السماء، حيث نحبُّ يسوع دون تحفظ أو حدود.. في قلب يسوع سأكون دوماً سعيدة.. الشيء الوحيد الذي أرغب في أن تطلبه نفسي هو نعمة حبِّ يسوع وأن أجعل، قدر إمكاني، كلَّ إنسان يحبه.. إن أصغر لحظة حب خالص، لأكثر فائدة لها، من جميع ما عداها من نشاطات مجتمعة..”


إن ما يميِّز دعوة تيريزيا إلى القداسة هو رغبتها السريعة في تحقيقها، رغم إدراكها لحقيقة الضعف المتأصلة في الإنسان، تقول: “لابدَّ لي من أن أقبل واقعي كما هو، بكلِّ ما فيه من نواقص. إني أريد أن أذهب إلى السماء، سالكةً طريقاً مستقيمة وقصيرة المدى، طريقاً صغيرة وجديدة. فنحن في عصر الاختراعات، ولم يَعُد ضرورياً أن نتسلَّق الدَرَج درجة درجة.. هناك المِصعَد!.. أنا أريد أن أجد مصعداً يرفعني إلى يسوع، فأنا أصغر من أن أتسلَّق سلّم الكمال، وهي سلّم شاقة”.

ولكن، ما هو المِصعَد في نظر صغيرتنا القديسة؟!.. الطبيعة؟.. أم الكتب المقدَّسة؟.. أم كلاهما معاً؟..


لقد وجدت تيريزيا في تأملها الكتب المقدسة “ما كانت تسعى إليه”. فكانت تعتبر أن كلمة الله هي دائماً واقعية، بشكل أن تكون موّجهة إلينا مباشرة، وشخصيّاً، ولقد كانت باستمرار “موضوع أشواقها”. ولَكَم كانت الطبيعة أيضاً مصدر إطلالة حبِّ الله عليها، حتى أكثرت من الاستعارات والتشابيه المستمّدة من الطبيعة كالورود والطيور والشمس والعاصفة والمطر والضباب.


لم تتردَّد تيريزيا مطلقاً أن تظهر في سيرتها نقائصها التي كان يسوع ساهراً على تجاوزها، لذلك “لا تجد صعوبةً في النهوض عندما تكبو”، على حدِّ قولها. فحين يكتشف الإنسان ضعفه، تقول تيريزيا: “يتحمَّل نقائص الغير، ولا تصدمه مواطن الضعف فيه”. فلا يكفي أن نقول أننا نحبُّ الآخرين، “بل علينا أن نقيم الدليل على هذا الحب”.


لم تتأخر تيريزيا في إظهار عفويتها، ومواقفها المرحة، كأن تذكر مثلاً أن أمها كانت تنعتها بالـ”عفريته”.. وأنها حين كانت تمازح أباها تتمنى له أن يموت لكي يذهب إلى السماء. وعندما تهددها الوالدة بأنها ستذهب إلى جهنم حين لا تكون “عاقلة”، تردُّ عليها أنها سوف تتعلّق بها لتذهب معها إلى السماء، “إذ كيف يمكن للرب، تقول تيريزيا لها، أن يُبعدني؟ ألا تضميني إلى ذراعيكِ بشدة”. كأنها كانت على قناعة أن الله “لن يستطيع حيالها شيئاً” طالما هي بين ذراعي الأم! التي هي بدورها، تصف صغيرتها، أنها، رغم صراحتها وشفافيتها و”قلبها الذهبي”، “طائشة”، “عنادها لا يقهر.. عندما تقول “لا”، لا يمكن لأي شيءٍ أن يُزعزعها”.

وتحتار الأم حول مستقبلها وتتساءل عنها “ماذا ستكون”؟.. ليتكِ علمتِ أيتها الأم الفاضلة التي قدَّمَتْ للكرمل أربع زهرات من بناتها، أن الصغيرة منهن ستكون قديسة!!


سنة 1886 ، بلغت تيريزيا الرابعة عشرة من عمرها وعلمت، من الصحف، الحكم بالإعدام على المجرم برانزيني، الذي كان يرفض رفضاً باتاً أن يلتقي الكاهن، قبل تنفيذ الحكم عليه، فدأبت تيريزيا، بكلِّ ضراعة على الصلاة ليلَ نهار، لتلتمس خلاص نفس هذا المجرم. وفي أول أيلول عَلِمتْ من صحيفة “لاكروا” La Croix بأن هذا المجرم، قبل أن يُنفَّذ حكم الإعدام به ، أخذ الصليب من يد الكاهن وقبَّله، وتبيَّنَتْ بذلك إشارةً من الله الذي لا يُخيِّب ملتمس من يعتمد عليه تعالى، كما ترسَّختْ في نفسها الدعوة إلى تكريس الذات للتفرغ والصلاة، التي أحست بها ليلة عيد الميلاد سنة 1886.


لقد فهَّم جيداً البابا بيوس الحادي عشر أهمية طريق تيريزيا الطفل يسوع المبسطة إلى القداسة، فأعلنها منذ عام 1925 قديسة، ثم جعلها شفيعة للمرسلين في العالم. وفي اليوبيل المئوي لوفاتها سنة 1997 وضعها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مصف معلمي المسكونة بإعلانها “معلمة الكنيسة الجامعة” رافعاً إياها إلى مرتبة أعاظم القديسين، هي التي كانت تعتز بصغرها وضِعة شأنها.


هذه القديسة الصغيرة، الكبيرة، التي تزين أيقونتها المقدّسة عدداً وافراً من كنائسنا، تستقطب في أيامنا جماعات المؤمنين، يلتمسون شفاعتها في الحالات اليائسة المستعصية، الشفاء من الأمراض الخطيرة التي استعصت على الطب، عودة الخطأة المدمنين إلى التوبة، تهدئة أذهان أناس معرضين للشك واليأس، حماية المسيحيين المضطهدين الذين تحيط بهم الأخطار، راحة لأنفس الذين رقدوا محرومين من إسعافات الكنيسة. فالنعم التي ننالها بشفاعتها كثيرة لا عدَّ لها ومثبتة. فلنبادر إليها نحن أيضاً بطلباتنا وهي تعرف كيف تشفع لنا لدى الرب الذي أخلصت له في كلِّ شيء وفي كلَّ لحظة من حياتها.



وفيه أيضاً :

تذكار القديس حننيا الرسول


هو أحد المبشّرين الإثنين والسبعين وأسقف دمشق.

وهو الذي عمَّد، بأمر الله، شاول المضطهد، كما جاء في أعمال الرسل :

"وكان بدمشق تلميذٌ إسمه حننيا، فقال له الرب في الرؤيا : قم فإنطلق إلى الزقاق الذي يسمى القويم وإلتمس في بيت يهوذا رجلاً من طرطوس، إسمه شاول، فهوذا يُصلِّي.

فأجاب حننيا :

"يا رب، إني قد سمعتُ من كثيرين عن هذا الرجل، كم من الشر صنع بقديسيك في أورشليم وله ههنا أيضاً سلطان، من قبل رؤساء الكهنة، أن يوثق كلَّ من يدعو بإسمك". 

فقال له الرب :

"إنطلق، فان هذا لي إناءٌ مختار ليحمل إسمي أمام الأمم والملوك وبني إسرائيل".

فمضى حننيا ودخل البيت ووضع يديه عليه قائلاً :

"يا شاول أخي، إنّ الرب يسوع الذي ترآءى لك في الطريق، وأنت آتٍ فيها، أرسلني لكي تُبصر وتمتلىء من الروح القدس". 

وللوقت وقع من عينيه شيء كأنه قشر، فعاد بصره فقام وإعتمد ( أعمال ٩: ١٠ -١٩).

وقد رافق حننيا بولس، مدة إقامته في دمشق.

وكان دليلاً له في دخوله وخروجه مع التلاميذ.

وتسامى هذا القديس بالفضائل، ولا سيما الوداعة والغيرة على التبشير بالمسيح في دمشق التي أقيم عليها أسقفاً، وفي غيرها من المدن.

وبعد أن ردّ الكثيرين إلى الإيمان بالمسيح، ألقى عليه الحاكم ليكينيوس وجلده جلداً عنيفاً بأعصاب البقر.

ثم أمر برجمه فمات شهيداً، سنة السبعين للمسيح.

ولم يزل التقليد القديم يدل المؤمنين على ضريحه في دمشق، فيزورونه وينالون بشفاعته النعم والبركات. 

صلاته تكون معنا. آميـــــــن.



وفي هذا اليوم أيضاً :

تذكار القديس ريميجيوس (Rémi)


ولد هذا القديس سنة ٤٣٧، في قرية سيرني ( Cerny)  بفرنسا، من أبوين تقييَّن.

وما ترعرع حتى تسامى بالفضيلة والعلم.

وبعد أن أرتسم كاهناً أنتُخب أسقفاً على مدينة ريمس.

فإنكبَّ على الصلاة والجهاد ونصَّر الكثيرين.

وأجرى الله على يده آيات كثيرة، أهمّها إرتداد كلوفيس ملك فرنسا وشعبه من الوثنية إلى الإيمان بالمسيح.

فكان كلوفيس أول ملك مسيحي على فرنسا.

وكان كلوفيس يجلّ الأسقف القديس جداً ويأخذ بآرائه في كل أمر هام.

وقد أمدّه بالمال الكثير لأجل الكنائس والفقراء.

وأقامه البابا هرمسدا رئيساً على أساقفة فرنسا.

له بعض تفاسير للأسفار المقدسة. 

وقد إبتُلى في آخر أيامه بفقد البصر، فإعتصم بالصبر الجميل، مثابراً على التأمل والصلاة إلى أن رقد بالرب نحو سنة ٥٣٣.

صلاته معنا. آميـــــــن!

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.