HTML مخصص
09 Dec
09Dec


منذ زمن بعيد، وفي إحدى البلاد البعيدة، كانت توجد كاتدرائيّة لها منارة عالية، فيها أجراس كبيرة وجميلة.


وكان الناس يقولون -نقلاً عن أجدادهم- إنّ هذه الأجراس تدقّ من تلقاء نفسهاليلة عيد الميلاد، وذلك عندما يقدّم أحد أفراد الشعبأفضل هديّة لطفل المذود، ولذلك كان الناس يتوافدون من كافّة الأقطار في عيد الميلاد، ومعهم هدايا غالية الثمن ليقدّموها، لعلّهم يسمعون الأجراس تدقّ، ولكنّها لم يُسمع صوتها لعشرات السنين.


سمع بذلك أخوان يقطنان في قرية بعيدة عن هذه الكاتدرائيّة الجميلة، فقرّرا أن يذهبا ليحتفلا بقدّاس عيد الميلاد فيها.


هكذا بدأا رحلتهما حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر ليصلا إلى الكنيسة في موعد القدّاس، فيما هما سائران ، رأيا سيّدة مسّنة ملقاة على قارعة الطريق وسط الزرع، وقد يبست أطرافها من شدّة البرد، فأخذا يُسعفانها حتّى فتحت عينيها ونظرت إليهما، وهنا قال الأخ الأكبر لأخيه :

"اذهب أنت، يا أخي ، لحضور القدّاس، وأمّا أنا فسأعتني بهذه السيّدة حتّى تتعافى ثمّ أنقلها إلى بيتها".


هزّ الأخ الأصغر رأسه بشدّة، والدموع تتساقط من عينيه :

"لا، لن أذهب من دونك، لقد تمنّينا أن نصلّي في هذه الكاتدرائيّة معاً، وأنا لن أتركك وأذهب وحدي".


فأصرّ الأخ الأكبر قائلاً :
"بل يجب عليك أن تذهب وتصلّي لأجلي، وعندما تعود ستروي لي كلّ ما شاهدت ، وسأكون كأنّي ذهبت معك، والآن خذ هذه الخمسة قروش ، فهي كلّ ما معي، وضعها في صندوق الكنيسة كهديّة منّي لطفل المذود".


وهكذا ذهب الأخ الأصغر لحضور القدّاس تاركاً أخاه مع السيّدة.

وصل إلى الكنيسة ووجدها مكتظّة بأغنياء البلد، إذ كان الأمير يصلّي فيها تلك السنة.


أمّا هو، فوقف بخشوع أثناء القدّاس رافعاً قلبه، مسبّحاً الله الذي بتحنّنه أتى وصار إنساناً من أجل خلاص الجميع.


وكما جرت العادة في نهاية القدّاس، بدأ الجميع بتقديم هداياهم لطفل المذود ، وهم في طريقهم للخروج من الكنيسة أتى الأمير، وألقى في الصندوق جواهر ثمينة، وهو ينظر حوله.

ثمّ أتى بعده الأغنياء يلقون بأموالهم من ذهب وفضّة.

وأخيراً جاء دور الأخ الأصغر، فأخرج الخمسة قروش وألقاها، وهنا دقّت الأجراس بنغمات سماويّة جميلة لم تُسمع من قبل.


تسمّر الناس كلّ في مكانه، وأمر الأمير أحد الحرّاس أن يجري ويستطلع الأمر، ليرى من الذي قدّم هديّة أثمن منه، وجعلت الأجراس تدقّ.

أمّا الحارس، فعندما وصل إلى الكنيسة رأى ولداً فقيراً يبتسم وهو يغادرها، فلم يفهم شيئاً.


وأمّا الولد، فأسرع يخبر أخاه البشارة الحلوة، ويصف له فرحه وهو يرى ويسمع دقّات الأجراس بلحن سماويّ.

فإبتسم أخوه وقال له :

"أرأيت، يا أخي، كيف أنّ مساعدتنا للمرأة البائسة لم تضيع، وأنّ يسوع الطفل فرح عندما قدّمنا له كلّ ما نملك، وليس من فضلتنا".

ثمّ ركع الإثنان يصلّيان لطفل المغارة كي يقوّيهما دائماً على المحبّة وفعل الخير.



"يَا بُنَيَّ، أَنْفِقْ عَلَى نَفْسِكَ بِحَسَبِ مَا تَمْلِكُ، وَقَرِّبْ لِلرَّبِّ تَقَادِمَ تَلِيقُ بِهِ."
(سيراخ ١١:١٤)



#خبريّة وعبرة
/خدّام الرب/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.