HTML مخصص
14 Jan
14Jan


في هذه الأيام الصعبة قد يكون الخير نادراً والشرّ وافراً، وأغلب الظن عند الناس أن الخير يأتي بالنقطة كمطر الصيف في صحراء الحياة والشرّ يأتي بكثرة كسيول الشتاء العاصف.
لذلك يغلب التشاؤم على التفاؤل واليأس على الرجاء والفشل على النجاح والموت على الحياة في لغة الناس.

يزورني شخصٌ متوسط العمر في العمل، يُبشّر دائماً أن نهاية العالم أصبحت قريبة جداً وكل هذه المآسي ليست سوى ضربات بسيطة تحضيراً للضربة الكبرى القادمة التي ستنهي البشرية.
من ثمّ علمت أنه في بلدته عندما يراه الناس آتياً يقولون: "إجت الضربة"!!! ويُلقب أمثاله بورقة النعوة.
وهناك شخصٌ آخر يعمل نهاراً بالقرب منّا وفي الليل يعمل عندنا وهو أرمني متزوج وليس لديه أولاد ويأتي دائما مبتسماً إلى العمل. بالامس سألته عن سرّ ابتسامته، أجابني: "أنا إسمي هاروت". قلت له: "وما علاقة الاسم بالابتسامة؟!"أجابني بكل ثقة: إسمي هاروتيون يعني القيامة" وخدمت الكاهن في الكنيسة ١٢ سنة دون انقطاع.
وبلغته العربية المكسّرة وابتسامته الدائمة ومحبة زملائه له أفهمني أنه إذا كان للموت يوماً فللقيامة كل الأيام.

وما بين من يوصف ب"ورقة النعوة" ووجه القيامة فرق بسيط، الاول يتكلم لغة الارض والثاني يتكلم لغة السماء وينطق بكلام الله المعزّي وهو يعطي الفرح دون حساب ودون تكلفة.

من يظنّ أن أيامنا سوداء هو إبن الأرض ويتكلم لغة أبناء الأرض بما فيها من يأس وانغلاق أبواب الأمل وطردٍ ممنهج لكل بادرة خير وبالتالي انحدار حتمي نحو الموت وانحلال الوجود.

"ومَنْ لا يُطِيعُ الٱبْنَ لَنْ يَرَى حَيَاةً، بَلْ غَضَبُ اللهِ يَسْتَقِرُّ عَلَيْه."

ولكن كل: "مَنْ يُؤْمِنُ بِٱلٱبْنِ يَنَالُ حَيَاةً أَبَدِيَّة".

فرسالة يسوع تتجدد اليوم وفي كل يوم إلى كل من استيقظ اليوم وفي ذهنه صور الجهد الضائع والإحباط الشديد واليأس القاتل، إلى كل من يشعر أن الأرض ابتلعته وغاص في أعماقها المظلمة المخيفة، إلى كل هؤلاء يتوجه يسوع في هذه اللحظة الحاسمة من حياتهم ويقول لهم :
"تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ." (متى ١١: ٢٨)

حقاً ان الآتي من فوق هو فوق الجميع ولخير الجميع، أعطنا ربي أن نقبل مشيئتك ونعمل بها طوال ايام حياتنا. آميـــــــن.



نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.