لا أنسى مِن أين أتيتُ، مِن وادي الظلمات وكهوف الجاهليَّة، أغوتني وسبتني ظلال الدهريَّة بعمى القلب، فما إهتديت!
كنت كمنبوذ مضروب محكوم عليه بالموت، لا مال عندي ولا فضَّة أُسدِّدُ بها صكَّ ديوني، رائحتي النتنة أفسدتني، وأفسدت كُلّ مَن حوليقالوا : ما باله كالطاووس يتبختر وهو كالصوص المنتوف، لا أصل له ولا فصل له ولا تاريخ يشرف ذُرِّيَّته!
كان قلبي فارِغاً إلّا مِن عبثيَّة ظنوني، أحيا مِن قلَّة الموت ميتاً بين الأحياء، إلى أن جاء فارِس على غفلة، فارِس ليس كالفُرسان يمتطي حصاناً أصيلاً رداؤه خمريّ شعره أبيض، سألته مُتعجِّباً : مَا بَالُ لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ، وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ؟