HTML مخصص
30 Apr
30Apr

لا أنسى مِن أين أتيتُ، مِن وادي الظلمات وكهوف الجاهليَّة، أغوتني وسبتني ظلال الدهريَّة بعمى القلب، فما إهتديت! 

كنت كمنبوذ مضروب محكوم عليه بالموت، لا مال عندي ولا فضَّة أُسدِّدُ بها صكَّ ديوني، رائحتي النتنة أفسدتني، وأفسدت كُلّ مَن حوليقالوا : 
ما باله كالطاووس يتبختر وهو كالصوص المنتوف، لا أصل له ولا فصل له ولا تاريخ يشرف ذُرِّيَّته! 

كان قلبي فارِغاً إلّا مِن عبثيَّة ظنوني، أحيا مِن قلَّة الموت ميتاً بين الأحياء، إلى أن جاء فارِس على غفلة، فارِس ليس كالفُرسان يمتطي حصاناً أصيلاً رداؤه خمريّ شعره أبيض، سألته مُتعجِّباً : 
مَا بَالُ لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ، وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ؟ 

أجابني : 
«قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ. فَدُسْتُهُمْ بِغَضَبِي، وَوَطِئْتُهُمْ بِغَيْظِي. فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي، فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي.»
(إش ٦٣: ٢، ٣)

قلتُ :

«إذاً تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَيُّهَا الْجَبَّارُ، جَلاَلَكَ وَبَهَاءَكَ.»
(مز ٤٥: ٣)


هذا الختن الَّذي منذُ الأزل القديم الأيّام والأبرع جمالاً مِن بني البشر. 

جاء طوعاً فلبِسَ بشريَّتي، أهرق دمه وطعن جنبه ليغسل عاراً هو بريءٌ منه. 

هذا الفتى البارّ قدّوس الله، بموته أحياني و مَحَا صَكَّ ديوني على عود الصليب فتح ذراعيهليغمرني بفيض حُبِّه!

إرتفع عن الأرض فجذبني إليهووهبني روحه حياةً لحياتي! 

كيف أهمل خلاصاً مثل هذا، منحني إيّاه ربَّ المجدِ؟؟

لا أنسى من أين أتيتَ مِن وادي الظُلُمات وكهوف الجاهليَّة إلّا أنَّ ملك الملوك إفتداني ووهبني بموته وقيامتهرحياةً أبديَّة! 

المسيح قام حقًّا قام! 



/جيزل فرح طربيه/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.