HTML مخصص
27 Apr
27Apr

كان يا مكان، في إحدى القرى البعيدة، رجلٌ يُدعى "إلياس"، عُرف بين الناس بالشر والعناد.

كان لا يمرُّ يومٌ إلّا وإرتكب فيه معصية جديدة؛ ظلمَ الضعفاء، خان أصدقاءه، ونسيَ أن لوالدته دموعاً ترفعها كلّ مساء إلى السماء.

كبر إلياس، وكبر معه قساوة قلبه.

وذات يوم، وهو يسير متعجرفاً في طرقات القرية، سقط مغشياً عليه.

حمله أهل القرية إلى بيته، وما لبث أن إشتدَّ به المرض وأصبح على فراش الموت.


في تلك الليلة، كان المطر يهطل بغزارة، والريح تعصف وكأنَّها تُنذِر بشيء رهيب.

أحسَّ إلياس ببرودة تغزو أطرافه، وعيناه تُحدِّقان في الظلام.

فجأةً، بدأ يسمع همساتٍ خفية، كأنها أصوات تُدين أعماله :
> "أينَ أنتَ الآن من قوَّتك؟ أين كبرياؤك؟ من ينقذك؟"


إرتعد جسده، وحاول أن يصرخ فلم يستطع.

في قلبه، إشتعلت شرارة خوفٍ لم يعرفها من قبل.

حينها، سمع صدى دعاءٍ قديم، كان صوت أمّه الباكي يتردَّد في أذنيه :

> "يا ربّ، لا تدَع روحه تهلك... إرحمه ولو في آخر لحظة."


إنفجر قلب إلياس بندمٍ لم يعرفه طيلة حياته.

بكى بدموع مريرة، وأغمض عينيه هامسًا بصوتٍ متهدج :

> "يا ربّ، إن كنتَ لا تزال تفتح لي بابك... فها أنا أقرعُه بندم... سامحني!"


وفجأة، وسط ظلام الغرفة، لاح له نورٌ لطيف، وشعر بدفءٍ يملأ كيانه.

وسمع صوتًا يملأ أعماقه :

> "لا تخف. لقد سبقَتْ رحمتي غضبي. قد غُفِرَت لك خطاياك."


إبتسم إلياس إبتسامةً هادئة، وإستسلم لسلامٍ لم يشعر به قط.

وفي صبيحة اليوم التالي، وُجِدَ جثمانه مُمدَّداً على السرير، ووجهه يشعُّ نورًا، ودمعةٌ حانية تجمَّدت على وجنته.

وقف الكاهن أمام الناس وقال :

> "يا إخوتي، كم من خاطئٍ تُظلم قصّته قبل أن تُكتب نهايتها بيد الله؟ إلياس الَّذي أبكانا بظلمه، أبكانا اليوم بندمه.
ما أوسع رحمة الرب لمن يلجأ إليه بقلب منسحق."





العِـــــــبرة :


مهما تمادى الإنسان في شروره، فإنَّ باب الرحمة الإلهيَّة لا يُغلق، بل يبقى مفتوحًا حتَّى اللحظة الأخيرة، لمن يصرخ بندمٍ صادق وطلب للغفران.



#خبريّة وعبرة

 خدّام الربّ ®

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.