19 May
19May

الله الخالق هو نفسه سيّد التاريخ البشريّ وسيّد تاريخ الخلاص.

ولذلك لم ينسَ أبداً تاريخ الجنس البشريّ، بل أحاطه بعناية مستمرّة ليقدّم له الخلاص، من آدم إلى إبراهيم وموسى فإلى الأنبياء والآباء وصولاً إلى التجسّد والفداء والتدبير.

فأرسل إبنه الأزليّ الوحيد، كلمته الأبديّة، الَّتي تنير كلّ الناس ليتمّم عمل الخلاص بموته وقيامته، ويكشف وجه الله الآب، بحيث أنّ من يراه يرى الآب ( يوحنَّا ١٤ / ٩ )، ويعطي الروح القدس روح الحقّ: نوراً يهدي، ونعمة تشفي وتقدّس، وحضوراً إلهيًّا يحرّرنا من ظلمة الخطيئة والموت، ويقيمنا للحياة الجديدة.

هذا هو تصميم الله الخلاصيّ الَّذي أقامه بالمسيح عهداً جديداً ونهائيّاً لا ينتهي، ولا يُنتظر من بعده أيّ وحي عمومي آخر، قبل ظهور ربّنا يسوع المسيح، ملكًا كونيًّا ممجّدًا (القرار المجمعي في الوحي الإلهي، ٣-٤ ).

كشف الربّ يسوع عن ملوكيّته ومعنى مملكته، أمام بيلاطس، وقد سُلّم إليه ليُحاكم ويُصلب بتهمة أنّه "ملك اليهود".

فأكد، بجوابه على سؤال بيلاطس، أنّه ملك، وأنّ ملوكيّته ليست سلطانًا عالميًّا بل هي محبة تخدم، وأنَّ "مملكته ليست من هذا العالم".

لم يكن عند يسوع أي طموح سياسي، فمملكته المعروفة بملكوت الله، أو الكنيسة، هي من نوع آخر، ولا ترتكز على السلاح والعنف، بل على الحقيقة والمحبّة.

أمّا الحقيقة فأعرب عنها في قوله لبيلاطس: "نعم، أنا ملك.. ولهذا وُلدتُ وأتيتُ إلى العالم، لكي أشهد للحقيقة.. فمن كان من الحقيقة، يسمع صوتي" ( يوحنَّا ١٨ / ٣٧ ).

نعم أتى ليشهد لحقيقة إلهٍ هو المحبّة (ا يوحنَّا ٤ / ٨ و ١٦ )، ويريد أن يبني في العالم مملكة العدالة والحبّ والسَّلام.

وأمّا المحبّة فسيكشفها، بعد الحكم عليه بالصلب، في فعل الحبّ الأسمى، إذ يقدّم ذاته ذبيحة فداءٍ عن خطايا الجنس البشريّ على الصليب، الَّذي نصبه عرشاً لملوكيَّته، وعرش كنيسته. آميـــــــن.


/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.