مريم البتول ودائمة البتوليّة :
حبلت مريم العذراء بيسوع إبن الله بقوّة الروح القدس ، من دون زرع بشري ، وهي عذراء بتول.
هذا عمل إلهي يفوق إدراك الإنسان وإمكانيّاته.
وقد حقّق نبوءة أشعيا :
“ها إنّ العذراء تحمِلُ فتلِدُ ابنًا وتدعو اسْمَه عِمّانوئيل”
( أشعيا ٧ / ١٤ ).
إنّ مريم، الأمّ والبتول، هي رمز الكنيسة، وتحقيقها الكامل:
فالكنيسة بقبولها كلمة الله بالإيمان تصبح أمًّا.
ثمّ بكرازتها للإنجيل وممارسة المعموديّة تلد بنين، حُبل بهم بالروح القدس، ووُلدوا من الله لحياة جديدة لا تموت، بل هي حياة أبدية” بل من الله وُلِدوا” ( يوحنا ١ / ١٣ )، “ما من أحدٍ يُمْكِنُه أن يدخُلَ ملكوت الله إلاَّ إذا وُلِدَ من الماءِ والرُّوح.
فمولودُ الجَسدِ يَكونُ جسداً ومولودُ الرُّوح يَكونُ روحاً” ( يوحنا ٣ / ٥ – ٦ ).
تعتبر الكنيسة أنّ مريم وسيطة للخلاص من خلال وساطة المسيح الوحيدة، وأنّ ما لها من تأثير على المؤمنين والمؤمنات إنّما ينبع من استحقاقات المسيح الفيّاضة (الدستور العقائدي ” في الكنيسة “، ٥٨ و ٦٢).
وَتعتبر الكنيسة أيضًا أنّ مريم أمّ المسيح التاريخي، بفضل مشاركتها في آلام ابنها الخلاصيّة، قد أصبحت أمَّ المسيح الكلّي الذي هو الكنيسة.
بكلام الملاك في البشارة، والإجابة بكلمة “نعم”، أصبحت أمَّ يسوع، وفي آلام الصليب أصبحت أمّ جسده السّرّي الذي هو الكنيسة، فرأى يسوعُ أُمَّه وإلى جانِبِها التِّميذُ الحبيبُ إليه.
فقالَ لأُمِّه: “أَيَّتها المرأة هذا ابنُكِ”.
ثمَّ قَالَ للتِّلميذ: “هذه أُمُّكَ.
ومنذُ تِلكَ السَّاعةِ استَقبَلَها التِّلميذُ في بيتِهِ”
(يوحنا ١٩ / ٢٦ – ٢٧).
إنّها أمّنا بالنعمة، وبأمومتها هي مثال للكنيسة في الإيمان والمحبة (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية رقم ٩٣٦).
مريم العذراء بانتقالها إلى السماء، هي صورة الكنيسة وأبنائها وبناتها الذين هم في مسيرة حجّ بإيمان ورجاء نحو بيت الآب السماوي، للمشاركة في مجد الثالوث القدّوس، الإله الواحد غير المنقسم والمتساوية في الجوهر، في شركة القدّيسين.
بإنتقالها إلى السماء، تواصل مريم الكلّية الطوبى والكاملةُ القداسة أمومتها بالنعمة لجميع البشر، وتشفع بهم لينالوا الخلاص الأبدي، ولهذا تسمّيها الكنيسة المحامية والمعينة والوسيطة. آميـــــــن.
/الخوري جان بيار الخوري/