لنكرّس شهر الإنتقال لشهر أب ، لتلاوة صلاة المسبحة في جميع كنائسنا وبيوتنا، من اجل السلام في لبنان والعالم، خصوصاً ان الاوضاع الحالية مقلقة، وفظاعات الحروب مرعبة، ولا نعرف ماذا سيكون الغد!، مريم انسانة واقعية رائعة، وليست اسطورة! انها عاشت خبرة ايمانية عالية و روحانية أصيلة، إذ حملت المسيح واتحدت به اتحاداً وثيقًا، وهي بالتالي صورة لكل مؤمن للاتحاد بالمسيح وحمله الى الاخرين.
يتحتم علينا ان نميّز بفطنة بين التكريم والسجود. التكريم هو للطوباوية مريم (والقديسين) بصفتها ام المسيح، اما السجود فهو لله الثالوث الأقدس وحده. مريم علامة تحفزنا لان نرى شيئا له معنى في حياتنا.
لمريم دور محترم في ليتورجيا الكنيسة، لكن أحياناً لا ننتبه الى استقامة العقيدة، اي ما يقتضيه الايمان وما نعبر به عن تكريمنا بنضج لاهوتيّ وقوة روحيّة.
لا ينبغي ان تقتصر صورة مريم على جانب واحد، انما يجب ان تشمل كل مميّزات حياتها: امومتها متعلقة دوما بالمسيح، وبتوليتها التي تندرج في العقيدة الايمانية، نموذج للبتولية المكرسة في الكنيسة.
طاعتها وثباتها وتحملها للصعوبات (الهرب الى مصر وصلب ابنها) والانتقادات، تقودنا الى اتباع نداءات الله الذي يقودنا.
اهتمامها بالاخرين كما فعلت بزيارتها لنسيبتها اليصابات ( لوقا ١/ ٣٩ -٤٥ ) وفي أزمة عرس قانا الجليل ( يوحنا ٢ / ١-١٣ )، دعوة لنا لنهتم باخوتنا لاسيما المحتاجين منهم معنويًّا وماديًّا.
حضورها مع الرسل (الكنيسة) خصوصاً في العنصرة (يوم حلول الروح القدس) نداء لنا لكي نلتف حول الكنيسة ونلعب دورنا كابناء فيها، وكما يجب.
مريم كانت ولا تزال قناة للحضور الالهي، لها مغزى روحي للكنيسة ولكل واحد منا، إذ في مقدورها ان تساعدنا على كيف نؤمن، وكيف نعيش ايماننا في زماننا.
الإستغاثة بمريم أكتسبت قوة من خلال الليتورجيا والاعياد المخصصة لها.
لذلك نحتاج إلى ان نحرر أنفسنا من كل ما يمنعنا من المشاركة الحيوية في الليتورجيا.
من الاهمية بمكان ان يكون لنا قدراً من الصمت والاصغاء حتّى تدخل الكلمات الى أعماق روحنا، فتصبح حضورا لله الذي نحتفل به، و حضوراً لمريم التي نكرمها، حينها نشعر بدفء الكلمات وهمسها: ” فكانت تحفظ جميع هذا الكلام وتتأمل به في قلبها” (لوقا ١٩ / ٢ ).
نحن بحاجة إلى قوة الصمت لاكتشاف الحضور الإلهي في هذه النصوص الطقسية، من خلال الاصغاء الى كلمات الكتاب المقدس، والتمتع بالالحان الشجية، والاستفادة من الوعظ، والاستجابة لها بالصلاة والاهتداء والعمل.
هذا الاستقبال لكلمة الله بشوق وخشوع على مثال مريم، سيجعلنا نلاحظها ( الكلمة) على وجه المصغي والمصلي الحقيقيي ، آميـــــــن.
عيد مُبارك للجميع.
/الخوري جان بيار الخوري/