06 Sep
06Sep

(لوقا ٢ : ٣٤ – ٣٥)

وأصبح ميلاد العذراء مريم ، ميلاد حياة جديدة.


فبينما كان الكبار والوجهاء يترقبون من الجميع ، والتكريم من الصغير والكبير ، والطاعة من عامة الشعب ، والخدمة من الخدم ، وأتت العذراء مريم لتقلب هذه المعتقدات.

فها هي التي بعدما سمعت من الملاك خبر نسيبتها اليصابات المفاجئ : ” ها إنّ نسيبتك اليصابات قد حبِلت هي ايضاً بإبن في شيخوختها ، وهذا هو الشهر السادس لتلك التي تدعى عاقراً . فما من شيء يعجز الله ”.


”قامت مريم فمضت مسرعة إلى الجبل إلى مدينة في يهوذا ، ودخلت بيت زكريا ، فسلّمت على اليصابات ” ( لوقا ١ / ٣٦ – ٤٠ ) .


مريم العذراء ، كانت تدرك كل الإدراك عظمتها ، فاعترفت أنّ كل شيء هو من الله : ” تعظّم نفسي الرب ، وتبتهج روحي بالله مخلّصي لإنه نظر إلى تواضع أمته.

فها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال لأن القدير صنع بي عظائم اسمه قدوس “( لوقا ١ / ٤٧ – ٤٨ ).

بميلادها ، فتحت مريم البتول صفحة جديدة في تاريخ الخلاص : ” ظهر المسيح فيما بيننا وهو الجالس هنا على الهيكل.

سُمع صوت السلام ، وأُعطيت القبلة المقدّسة ، واضمحلّت العداوة وشملت المحبة كل واحد”.


ميلاد مريم العذراء على الأرض ، مروراً بمراحل هذه الحياة الفانية ، والمتجوهرة بأتون صعوبات العمر ، يصبح حياة ممجّدة وأبديّة بانسجام كلّي مع حياة الثالوث الأقدس وفيها.


ومريم العذراء ، هي بيت القربان الحقيقي ، حيث مكث المسيح الإله المخلّص تسعة أشهر ، ولم تكن يوماً انانية باحتفاظها كنزها لنفسها فقط.

بل ذهبت به كنور للعالم المظلم بالمادة ، ومحبة منفتحة على البشريّة العمياء بانانيتها.

وجودها كله وجد معناه في المسيح ومعه.

همُّها الأوحد والوحيد هو اعطاء المسيح لكل واحد منا ولجميع الناس ، لأنه هو : ” الطريق والحق والحياة ”.

وكل ثانية من حياة مريم العذراء ، كانت تشتعل بمحبة الروح القدس ونوره المضيء على طرقها المؤديّة إلى السعادة الأبديّة.

وكانت كل حقبة من حقبات عمرها على الأرض ، إيماناً حياً ورجاءً وطيداً ومحبةً متأججة.


فما كان منها إلاّ أن بثّت هذه المحبة وهذا النور وما زالت في قلوبنا المتعطّشة لشفافية أبناء الله.

ومريم البتول آمنت بالله القدير ووضعت كل آمالها به : ” مباركةٌ أنت في النساء ! ومباركةٌ ثمرةُ بطنكِ ! ” ( لوقا ١ / ٤٢ ).


هذه النعمة لم تجعل من حياة العذراء مريم بعيدة عن المتاعب والمصاعب والمحن والجلجلة التي كان بإمكانها تحويل العذراء مريم عن صوابها وعن هدف حياتها.

فتصديها لكل هذه العراقيل كُلّلٓ بفرح الإنتقال إلى السماء بنفسها وجسدها ، لتُنصّب ملكةً على السماويين والأرضيين.

ومن سمائها تراقب حياتنا وتقدّم لنا ابنها مصدر حياتنا المسيحيّة ونهايتها.

أيتها العذراء مريم ، أُمّ الله وأُمّنا ! أعطنا ابنٓكِ ، نوراً لدربنا في وادي الدموع ، واجعلي من هذه الدموع ، إبتساماتِ إيمان ورجاء ومحبة.

تشفعي لأجلنا لنكون في حياتنا ، هياكل حيّة ، نحملُ للعالم البائس واليأس ، المُخلّص الحبيب يسوع المسيح ، ولتعترف به الشعوب ، ولنعترف به الشعوب اجمعين.آميـــــــن.



/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.