HTML مخصص
21 Jan
21Jan

يعرب الربّ يسوع عن رغبته الشديدة بأن يكون الكهنة وكلاء أمناء وحكماء في ما يأتمنهم عليه.

فيقول: “من تراه”، للدلالة على شوقه ورغبته في أن يكون كلّ كاهن وكيلًا أمينًا حكيمًا.

لا يسمّيه مسؤولًا بل “وكيلًا”.

ما يعني أنّ الكاهن لا يستمدّ كهنوته ورسالته ومسؤوليّته من ذاته، بل من المسيح ومن سلطانه الإلهي.

ما يعني أنّ الكهنوت ليس رتبة اجتماعيّة أو سلطة مدنيّة، بل هو سلطان إلهي يمنحه المسيح الربّ للمدعو إلى الكهنوت، من دون أيّ استحقاق منه.


بقوله: “من تراه” يعني الربّ يسوع أنّه يبحث عن الكاهن المخلص والمندفع، الذي يرسله إلى النفوس التي افتداها وحيث تدعو الحاجة، تمامًا مثلما دعا أشعيا النبي: “سمعت صوت السيّد قائلًا: من أرسل؟ من ينطلق؟ فقلت: هاءنذا أرسلني” ( أشعيا ٦ / ٨ ).

هذا جرى من بعد أن مسّ الملاك شفتَيه بالجمرة المطهِّرة.

هكذا الكاهن مسّته جمرة الروح القدس بمسحة الميرون، ليصبح أهلًا للرسالة وفيًّا لها ومندفعًا إلى ادائها.

فهي ليست له ولا منه، لكي يتحكّم بها كما يشاء وعلى هواه.

فهو سيؤدّي حسابًا عنها، كما يؤكّد الربّ يسوع ، وينال إمّا الثواب، وإمّا العقاب.

وفيما الشعب مدعو ليرى، في مسلك الكاهن وأقواله وافعاله، وجه المسيح، وعلى هذا الأساس يبني علاقة معه لكونه يعمل باسم المسيح وبشخصه، من واجب الكاهن بالمقابل أن يكون كذلك.

يقتضي المسيح الربّ وجود شرطَين في الكاهن: الأمانة والحكمة.

هما فضيلتان أساسيّتان في شخص الكاهن.

الأمانة هي لقدسيّة الكهنوت وللرسالة الموكولة إليه؛ والأمانة للمسيح الكاهن الأزلي الذي دعاه ووكّله؛ والأمانة للنفوس الموكولة إلى عنايته الروحيّة والراعويّة، إلى محبّته وسهره واندفاعه.

الأمانة تنبع من الإيمان، وتتشدّد بالرجاء، وتكتمل بالمحبة.

هذه الفضائل الإلهيّة الثلاث تجد واقعها من خلال الحياة في الأمانة لواجب الحالة.

أمّا الحكمة فهي حسن التصرّف والتعامل والقيام بالواجب وممارسةِ المسؤولية.

إنّها أولى مواهب الروح القدس السبع التي تنير الإيمان وتصوِّب العقل نحو كلّ ما هو حقّ وخير وجمال.

الحكمة قوّة خلّاقة في الكاهن، على صورة الحكمة التي كوّن بها الله كلّ خلقه، فأتى جميلًا، كما يردّد سفر التكوين ( تكوين ١ / ٣١ ).

الحكمة هي أن ينظر الكاهن من منظار المسيح الكاهن الأسمى الذي دعاه، وائتمنه على رسالته الخلاصيّة، لكي يؤدِّيها كما لو أنّ المسيح نفسه يقوم بها، بالرّغم من الضعف الشخصي والمحدوديّة.

ما يتطلّب منه اتِّحادًا دائمًا بالمسيح، وتنشئة روحيّة وعلميّة وراعويّة مستمرّة، لكي يكون على مستوى التحدّيات اليومية.

هاتان الفضيلتان، الأمانة والحكمة، مطلوبتان من كلّ مسؤول، ليس فقط في الكنيسة، بل وفي العائلة والمجتمع والدولة، لأنّهما لا تنفصلان عن أيّة مسؤوليّة أو سلطة. آمــــــــــــين.


أحد مُبارك للجميع.



/الخوري جان بيار الخوري/


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.