HTML مخصص
20 Jan
20Jan

لم يرغب يوحنا المعمدان في البداية في تعميد المخلص حينما طلب المعمودية منه.

ومع ذلك، أصر المسيح على معموديته، لأنه كان من الضروري أن يتم “كل بر، “فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: اسْمَحِ الآنَ، لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ، حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ” ( متى ٣ / ١٥ ).



- معمودية يسوع تذكرنا كل يوم برسالته الخلاصية، وقانون الإيمان الذي يشير الى ذلك “بالاعتراف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا.



- إن هذه المعمودية التي يعتمد فيها الإنسان سواء كان كبيراً أو صغيراً لا يمكن إعادتها أبداً، هي دعوة إلى المسيحيين ليعيشوا معموديتهم ويعلنوها إنساناً جديداً فيهم، ويحوِّلوا الحياة العائلية والاجتماعية إلى الجديد في الحق والخير والجمال، بقوله: “لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ: لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ.

لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ”

(غلاطيّة ٣ / ٢٨ ،٢٧ )

عماد الأطفال في غاية الاهمية :عندما قال الرب يسوع وعمدوهم باسم اﻻب واﻻبن والروح القدس لم يحدد عمرا معينا بل يطلب ضرورة اﻻيمان والتلمذة وحفظ الوصايا، والبعض حينها كان يدعوا الى أن معمودية الأطفال ليست ضرورية ولا قيمة لها إن لم يبلغوا سن الرشد ويعترفوا بإيمانهم بالرب يسوع المسيح مستندين إلى، “وَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا، مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ”(مرقس ١٦ / ١٦،١٥)، هذه الآية كانت في بداية المسيحية عندما كان الناس صغاراً وكباراً غير مؤمنين بالمسيح وأنه لابدّ من الإيمان به كي تتم معموديتهم ولكن عندما أخذت المسيحية تنتشر أخذوا يبشرون الجميع ويعمدون كل من آمن مع أهل بيته صغاراً وكباراً، فقول الرب يسوع عالمسيح واضح بأن من سمع ولم يؤمن ولم يعتمد صار مُدانا أمام الله.


وفي وقتنا الحالي يعمّد الطفل على إيمان والديه، ومن هنا يكون الآباء مسئولين أمام الله عن زرع الإيمان في قلوب أبنائهم.

وأما الأطفال الذين يموتون بلا معمودية، فالكنيسة لا تقدر إلا أن تسلم أمرهم إلى الرحمة الإلهية كما هو في الجنازة لأجلهم ولا شك ما اوسع رحمة الله للذين يريدون الخلاص، “الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ” (١ تي ٢ / ٤ )، وان محبة يسوع للأطفال “أَمَّا يَسُوعُ فَدَعَاهُمْ وَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ”(لو ١٨ / ١٦ )، يتيحان لنا الأمل بان يجد الأطفال الذين يموتون بلا معمودية طريقا إلى الخلاص ولهذا تنادي الكنيسة بإلحاح ألا يمنع الأطفال من أن يأتوا إلى المسيح بواسطة موهبة المعمودية المقدسة.


ويستمّر بطرس الرسول في اليوم الخمسين عندما حلّ الروح القدس عليهم في العلية، “فَلَمَّا سَمِعُوا فِي قُلُوبِهِمْ، وَقَالُوا لِبُطْرُسَ وَلِسَائِرَ الرُّسُلِ: مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟ فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ، تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا، فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ وَلِكُلِّ الَّذِينَ عَلَى بُعْدٍ، كُلِّ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ إِلهُنَا” (أعمال ٢ / ٣٧ ، ٣٨ ، ٣٩ )


ليعلم جميعنا ان ماء المعمودية بحسب الطقس الكنسي يحمل الغنى اللاهوتي والروحانيّة المميّزة لسرّ التنشئة المسيحيّة، وهو سرّ محبّة الله الآب للإنسان، التي تجلّت بابنه يسوع المسيح الذي أعتمد وتوجّه نحو الصليب ليحقّق الخلاص ونحن، بقوّة الروح القدس الذي اعتمدنا فيه اشتركنا بهذا الخلاص ونَعِمْنا بمحبة الآب اللامتناهية، ففي العماد يتحقق عربون ميثاقنا مع الله: الموت والدفن والقيامة والحياة، يحدث هذا كله دفعة واحدة.

ففي المعمودية يعلن الله نفسه لمرة واحدة في حياة كل مؤمن ينالها ان وعده الى الأبد، ويعرّف الله نفسه الينا بأننا أبنائه، والمعمودية تصادق على اتحادنا مع المسيح في موته وقيامته وبأننا قُمنا معه لحياة جديدة مع الله بالإيمان، وفي مياه المعمودية وعد بأن كل خطايانا قد مُسِحَت تماماً وأنها لن تعود أبداً أمام الله، لقد دفع المسيح ثمن خطايانا كاملاً، وبالرغم من أننا لا نزال نسقط في الخطيئة إلا أن علينا أن نتذكر معموديتنا دائماً، وبأننا قدّمنا حياتنا طَوْعاً (بكامل حريتنا) الى الله، وأن حياتنا الآن لن تكون إلا فيه وأنه هو ربنا وسيدنا ومخلّصنا —– لقد اعتمد المسيح من يوحنا لكي يعمل رمزاً كان مزمعاً أن يفعله عملياً بموته على الصليب ودفنه وقيامته. آمين.



/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.