ساعة الموت، يسميها بولس الرسول ” مجيء الرب المفاجيء”، ويشبّهه بمجيء السارق ليلاً.
ما يعني أن المسيحي يعيش بثبات الرجاء، فلا يغريه الانتصار المرموز إليه “بالأمن والسلام”، ولا يتناسى مجيء الرب.
بل عليه أن يظل دائماً في حالة سهر وانتظار.هذه دعوة إلى تخطي الركود والرتابة، وهي حالة تنتج عن عدم الربط بين الصلاة والعمل، بين إرادة الله وحاجات الإنسان ، بين كلام الله ونداءات المجتمع.
على المسيحي، عندما يصلي، أن يرفع عيناً إلى الآب السماوي لاكتشاف فرادته المحبة والرحومة، وعيناً إلى الناس الذين يتخبطون في حاجاتهم المادية والروحية والثقافية.
في هذا الموقف المسيحي تبقى أمام أعيننا اللوحة الإنجيلية التالية :
”رأى يسوع، من على الشاطىء، التلاميذ منهوكين من التجديف في سفينتهم وسط البحيرة، لأن الريح كانت مخالفة لهم، فجاء إليهم في آخر الليل ماشياً على البحيرة… وقال لهم: ” ثقوا! أنا هو لا تخافوا”.
” السهر”، حسب بولس: ” لنسهرْ ونصحُ”، ليس فقط على المستوى العقلي، بل أيضاً على المستوى الاخلاقي، المرموز اليه ” بالسّكر”، وإلا نلنا غضب الله.
ومعلوم ان الله جعلنا لإحراز الخلاص بربنا يسوع المسيح الذي مات من أجلنا ، لنحيا معاً، بقيامة العقول والقلوب.
السهر والسير في النور بتقاسم خيرات الدنيا:
بمثل الغني ولعازر، يؤكد الرب يسوع ان الثروة التي يملكها الإنسان روحية كانت أم مادية، ثقافية أم اجتماعية، هي معدّة من الله لجميع الناس.
كتب القدِّيس البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة ” الاهتمام بالشأن الاجتماعي”: ” خيرات هذه الارض في الأصل معدّة لجميع الناس.
الحق في الملكية الخاصة حق مقبول وضروري، لكنه لا يلغي أهمية هذا المبدأ.
فعلى الملكية يقع ” رهن اجتماعي”، أي أننا نميّز فيها، كصفة ذاتية، وظيفة اجتماعية يؤسسها ويبررها مبدأ الشمولية في غاية استعمال الخيرات.
في التزامنا بالفقراء، يجب ألا نهمل نوع الفقر الذي هو حرمان الشخص حقوقه الأساسية، ولاسيما الحق في حرية التعبير والمعتقد والحق في المبادرة الاقتصادية”.
مشكلة الغني ليست في غناه، الذي هو عطية من الله: ” فالفقر والغنى من عند الرب” ، بل في اعتبار ثروته منه وله، واهمال لعازر المسكين المنطرح عند بابه مثخناً بالجروح الجسدية والنفسية.
هذا الواقع المرير لا يقتصر على الأفراد، بل يشمل الجماعات في المجتمع المحلي والدولي: ” الغني” هو السلطة السياسة و ” الفقير” هو الشعب: ” الحب المفضّل للفقراء يتعلق بحياة كل مسيحي، من حيث يقتدي بحياة المسيح، وينطبق ايضاً على مسؤولياتنا الاجتماعية، وطريقة عيشنا، وعلى القرارات التي يجب ان نتخذها بشأن الملكية واستعمال الخيرات.
أيها الرب يسوع، اعطِ الراحة الأبدية في ملكوتك السماوي موتانا المؤمنين، ليكونوا شفعاء لنا عند الآب.
أنرنا بأنوار روحك القدوس وكلمة الإنجيل ونعمة الأسرار، لكي نسير في الحقيقة والمحبة، مسيرة أبناء النور، منتظرين محيئك في يومنا الأخير، بالانصراف إلى خدمة إخوتنا في حاجاتهم وعوزهم، متقاسمين معهم ما وضع الله بين أيدينا من خيرات مادية وروحية ساعدنا، ونحن نتناول جسدك ودمك وكل ذاتك وكل محبتك، لندخل في شركة المحبة مع جميع الناس، انطلاقاً من أبناء الرعية التي ننتمي إليها، وحيث نبني معاً ملكوت الله على أسس القداسة والمحبة والحقيقة والعدالة.
فنرفع المجد والشكر والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمــــــــــــين.