HTML مخصص
07 Feb
07Feb

كان يكتفي لعازر بالفتات المتساقط عن مائدة الغني.

"الفتات" يشمل ما يفضل من طعام في البيوت والولائم والمطاعم، ويُهدَر من دون شفقة.

كم هو مهمّ الإحساس الإنساني مع الفقراء المتضوعين جوعًا، وبدل هدر عطايا الله، إعطاؤهم إيّاها.

"الفتات" يشمل أيضًا الملابس والأحذية، كذلك أواني وأثاث البيوت، التي تفيض لدينا ولا تُستعمل، وتبقى مكدَّسة من دون فائدة، وقد تُهدر يومًا.

هذه ايضًا يجب تقاسمها مع العائلات المحتاجة والفقيرة.

كلّ إنسان يرسم طريق أبديّته بيده.

الغني وضع كلّ قلبه وهدفه واهتمامه في شؤون الأرض، من دون أي اعتبار لله الذي أغدق عليه عطاياه، وللإنسان لعازر المائت جوعًا على بابه.

"فلما مات قُبر"، ما يعني أنّه عاش للأرض وللتراب، وبالتالي كان مصيره جهنّم والهلاك الأبدي.

تمامًا على عكس لعازر الذي، لمّا مات، "حملته الملائكة إلى بيت الآب حيث ينعم بالسعادة الأبديّة".

وبات الغني فقيرًا، يلتمس من لعازر أن يبلّ طرف إصبعه بماء ويبرّد لسانه المتوجّع من اللّهيب".

يتوسّل باسم رباط الأخوّة الإنسانيّة مع لعازر، غير انّه لم يعرفها هو في حياته.

ولكن لا مجال لذلك بعد الموت، إذ تنتهي معه كلّ إمكانيات الإصلاح والتعويض.

كان بإمكان الغني أن ينجو من هلاكه في جهنم، لو اعتبر أن "خيراته" هي من الله ولله لكي يتقاسمها مع لعازر المحروم منها.

لقد رفض الغني الله في كل أيام حياته، ولم يتعرّف عليه، ولم يعترف به كأب ومصدر للحياة وللخير.

ولا جدوى من الاعتراف به بعد الموت، فالحياة هي المناسبة، طويلةً كانت أم قصيرة، للتعرّف إلى الله.

الحياة مسؤوليّة كبيرة.أدرك الغني أن سبب هلاكه عدم الاهتمام بلعازر الفقير المطروح أمام بابه.

فطلب أن يرسل الله لعازر إلى إخوته الخمسة، لكي يغيّروا مجرى حياتهم، فلا يقعوا في مكان العذاب مثله.

لكن الجواب هو أنّ كلام الله الموجّه إلى كلّ إنسان في الكتب المقدسة (موسى والأنبياء) هو ضمانة خلاصه ولا حاجة لأن يقوم أحد الموتى ليشهد.

إنّ الكنيسة، المؤتمنة على تعليم كلام الله ونقله وتفسيره والتعمّق فيه، هي الهادية لكلّ إنسان، فينجو من الهلاك الأبدي.


هذه العِبرة للجميع ، أنّ من لا يسمع لموسى والأنبياء لن يسمع لمن قد يقوم من الموت، لكنّنا أصحاب نعمة، إذ سمعنا هذا المثل ممّن قام حقًّا من الموت.

فإذا سمعنا صوته، تعالوا لا نقسّي قلوبنا، لأنّه في الحقيقة، ما نزرعه في هذه الحياة، سيكون غلّة حصادنا يوم الحصاد. آمــــــــــــين.




/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.