HTML مخصص
28 Feb
28Feb

أولادي علينا أن لا نملّ ليل نهار عن شكر الله على إحساناته، لا لأنّه يريدنا أن نشكره، بل لأنّ ذلك هو بشارتنا الأساسيّة أمام الناس.

نشجّعهم من خلالها أن يأتوا هم أيضًا إلى خلاصهم المعدّ لهم منذ إنشاء العالم.

علينا أن لا نستحي بإيماننا، بل ندرك أنّ كلّ واحد وواحدة منّا رسول في مجتمعه ليشهد أمام الناس عن الخلاص الذي ناله من الرَّبِّ يسوع.


أعلن يسوع عظمة إيمانها الذي أراده نموذجًا للجمع كلّه، وهو الذي سبّب نعمة شفائها، وأعلن أن سلامه سكن قلبها، إلى جانب شفائها من نزيف دمها.

بفعلتها أدّت أكبر شهادة لعظمة الإيمان بالمسيح، فكانت هي رسولة هذه الحقيقة من جيل إلى جيل، عبر الإنجيل، حتى نهاية الأزمنة.

لم يقل الإنجيل شيئًا عن واقع حال يائيروس المضطرب لجهة مصير ابنته، فيما الرَّبّ يتباطأ ويضيّع الوقت مع حادثة المرأة النازفة، وتوقعه وحواره مع الجمع ثمّ معها.

فأتى المرسال بأنّ الابنة ماتت، ولا مجال لإزعاج المعلّم.

شعر يسوع بصدمة الوالد وألمه.

فسارع وبادره بالقول: "لا تخف! يكفي أن تؤمن فتحيا ابنتك".

آمن يائيروس ولم يفُه بكلمة.

إنّه أمثولة لنا، فنحن غالبًا ما ننظر إلى كلّ أمر لا يحصل "حسب رغبتنا" على أنّه "خسارة".

أمّا حسابات الله فمختلفة.

ما نراه نحن أسودًا قد يراه الله أبيضًا، لا بل فرصةً فريدةً للخلاص.

لذلك، علينا أن نثق بالله وأن نسلّمه حياتنا وأن نقبل منه كلّ شيّء، حتّى ما نراه نحن سيئًا، لا لأنّنا نقبل السيّئ، بل لأنّنا نُدرك أنّ الله قادر على تحويل كلّ شيء لخيرنا، تمامًا كما حوّل الصليب، وهو قمّة الأمور السيّئة، إلى أداة فداء وخلاص.

"لا تزعج المعلّم".

قد تُظهِر هذه العبارة كثيرًا من الاحترام.

إلاّ أنّ فيها الكثير من نقص في الإيمان.

يرى هذا الرَّسول في يسوع مجرّد شافي الأمراض.

صيدليّة متنقّلة.

وكان للنازفة حظّ أن تجد دواءها عنده.

أمّا الصبيّة فماتت، وانتهى الأمر.

هذا مثال عن التعلّق الأرضيّ بيسوع.

هذا ليس بإيمان.

إن فحصنا ضميرنا قليلاً لوجدنا أنّنا نشبه هذا الرجل.

تقف حدود صلواتنا عند حدود هذا العالم الماديّ.

أمّا الملكوت، فنتركه إلى حينه.
لم يخف يائيروس لأنّه رأى بأمّ العين شفاء النازفة، ولأنّ بسبب ابنته شفيت، إذ التقت يسوع في طريقه إلى بيته.

فاطمأنّ ولم يطلب من يسوع عدم متابعة السير إلى البيت كما شاء الرّسول الذي حمل له خبر وفاة ابنته، وقالوا: "لا تزعج المعلّم".

كان على يقين من أنّ يسوع سيقيمها من الموت فكلمته بدّدت حزنه ومخاوفه ومسحت دموعه، إذ تردّد في صدى نفسه كلام الربّ: "يكفي أن تؤمن فتحيا ابنتك".

وأدرك أن يسوع الذي شفى النازفة بقوّة إيمانها، سيقيم ابنته من الموت بقوّة إيمانه.

أمثولة رائعة في الإيمان الذي يدعونا لنصدّق كلام الله.

فهو يفعل ما يعني.

نحن نعاني من المسافة الفاصلة بين القول والعمل، أمّا الله فما يقوله يفعله، لأنّه بكلمته خلق وصنع كلّ شيء.

لقد حصل ما كان يتوقّعه إيمان يائيروس.

دخل يسوع إلى بيته وطمأن الباكين أنّ "الصبيّة لم تمتْ بل هي نائمة".

فمع المسيح لم يعد الموت موتًا، بل صار نومًا واستراحة للأبرار.

لقد كسر شوكة الموت.

"أمسك يسوع الصبيّة بيدها، وناداها: يا صبيّة قومي.. فعادت روحُها إليها، وفجأة نهضت".

هنا ظهرت عاطفة يسوع المُحبّ، إذ "أمسك بيدها".

وظهرت قوّته المبطلة للموت إذ "ناداها قائلًا قومي".

هكذا سيفعل عندما أقام لعازر من الموت.

إنّه بهذه الآية استبق سرّ قيامته لحياة البشريّة جمعاء.

هكذا يفعل عندما ينادينا في سرّ التوبة، من خلال خدمة الكاهن، لنقوم من موت خطايانا، وعاداتنا السيّئة وأميالنا المنحرفة.

الصّوم الكبير هو زمن القيامة من موت عتيقنا. آمــــــــــــين.



/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.