HTML مخصص
18 Feb
18Feb

إن شئتَ فأنت قادر أن تطهّرني”.جميل هذا الجمع بين الإيمان بأنّ يسوع قادر على شفائه من برصه، والتسليم لمشيئته الإلهيّة.

وهو بذلك يقبل من الله كلّ شيء. وكأنّه يقول: “انا أريد، يا ربّ، ما تريده أنت، لأنّك تريده.

فلتكن مشيئتك”.

إنّها أجمل صلاة نرفعها إلى الله بخاصّة في أوقات الضيق.

لقد علّمنا الربّ يسوع في صلاة الأبانا أن نقول: “لتكن مشيئتك كما في السماء، كذلك على الأرض”.

أمام هاتَين الفضيلتَين: “الإيمان والتسليم”، لم يستطع يسوع إلّا أن تحنّن عليه، ومدّ يده، ولمسه، قال: لقد شئتُ فاطهر”.

حنان الله ورحمته أقوى من حرف الشريعة القاسية وتلطيف لها.

ألسنا نناديه في صلاتنا: “يا حنون يا رحوم يا محبًّا للبشر؟” كانت الشريعة تمنع الأبرص من أن يلمس أحدًا أو شيئًا أو أن يلمسه أحد، لئلّا يعديه مرضه، أما يسوع فلمسه بيده، كما خالط الخطأة والعشّارين فاجتذبهم إليه برحمته وشفاهم.

كذلك صار إنسانًا مثلنا وشابهنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة، بل محاها بدمه المُراق على الصليب وشفانا منها برحمته.

لم ينتقل إليه مرض البرص بل شفاه، مستعملًا كلمات توسّل الأبرص: “لقد شئتُ، فاطهر”.

استعمل يسوع فعل الماضي “قد شئتُ” للدلالة أنّ الربّ شاء خلاص البشر منذ خلقهم وفجر التاريخ.

وشاء يسوع خلاصه وشفاءه عندما كان يصلّي قبل الفجر في مكان قفر، وعندما قصد منطقة الأبرص.

فهذا كان في بال يسوع. نفهم من ذلك أنّ المسيح يشاء خلاص كلّ واحد منّا.

البرص هو رمز الخطيئة التي يريد الفادي أن يشفيَنا منها.

كم كلّ واحد منّا بحاجة لأن يعي برص الخطيئة الذي يتآكل قلبه ونفسه وروحه، ويقتل فيه القيم الروحيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة، فيجثو أمام الربّ، مثل ذاك الأبرص، ويتوسّل: “إن شئتَ، يا ربّ، أنتَ قادرٌ أن تطهِّرَني”.

عندما أزال الربّ يسوع برص الأبرص أصبح طاهرًا منه بالكلّية، وكأنّه خلقه من جديد بلمسة يد وكلمة.

هكذا عندما يمنحنا الحلَّ من خطايانا، بواسطة الكاهن، الذي نسمع منه ونحن تائبون حقًّا: “انا بالسلطان المعطى لي أحلّكَ (أحلّكِ) من جميع خطاياك (كِ)، باسم الآب والابن والروح القدس”، يعطينا قلبًا جديدًا وروحًا جديدًا.

وعاد يسوع بالأبرص الذي شُفي إلى حفظ ما تقتضيه شريعة الشفاء من هذا المرض، إذ قال له حالًا: “أُنظرْ، لا تخبرْ أحدًا بشيء، بل أرِ نفسك للكاهن وقدِّمْ عن طهركَ ما أمرَ به موسى، شهادةً لهم”.

نبّهه “ألّا يخبرَ أحدًا” لكي يخلد أوّلًا إلى صلاة الشكر لله الذي أنعم عليه بالشفاء.

كلّ نعمة ننالها تتقتضي منّا التواضع وتغيير مجرى الحياة إكرامًا لله الذي وهبنا إيّاها.

كما تقتضي تجنّب الكبرياء والادّعاء بالنفس، فإنّها تجربة يقول سفر التكوين: “رابضة عند الباب، وإليك تنقاد أشواقها. فعليك أن تسودها” ( تكوين ٤ / ٧ ). آمــــــــــــين.



/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.