HTML مخصص
12 Feb
12Feb

الدّيانة المسيحية تتضمّن ميِّزات، أهمُّها الإيمان، بنشره وممارسته.

فزمان الصيام هو الوقت المناسب، للتأمّل بهذه الميِّزة، الّتي ما عادت فعّالة في زماننا، كي نُعيد لها قيمتها التي فقدتها.


هذا وأعتقد أننا جيل ضائع بدون الإيمان، إذ مَن وماذا يُسنْدنا في الحياة بعد الإيمان؟

هذا وإننا نبتدئُ هذه الأربعين يوما، إكنزوا لكم كنوزا في السّماء.

فهذا هو الوقت، الذي يعطينا المناسبة لتجميع ما يمكن من الكنوز، بتوبتنا عن الماضي والمعاصر: قد اقترب ملكوت الله.


توبوا وآمنوا بالإنجيل (متى ٤ / ١٧ ).

بصومنا الرّوحي أكثر، كما هو مذكور في سفر يوئيل النّبي.


"توبوا إليَّ. مزِّقوا قلوبكم لا ثيابكم" (يوئيل ٢ / ١٢ ) وصلاتنا وتأمُّلنا بقراءةِ التوراة، وبالتّالي بعمل الخير، الّذي له وجهان، أي إمّا بانخراطنا الشخصي، لتخفيف آلام القريب، او ما هو أيضا مناسب، بالتّبرع بقيمةٍ مال، وفّرناها في صيامنا للفقراء والمحتاجين.

فأمامنا الآن أربعون يوما لممارسة هذه الأعمال المفيدة لنفوسنا.

"اطلبوا أوّلا ملكوت الله وبِرَّه والباقي يُزاد لكم" (متى ٦ / ٣٤ ).

فهو بداية زمان مُهمٍّ لحياتنا الرّوحية، بل أن نلبس مسوح التوبة، ونرى نفسنا على حقيقتنا، وأن نسمع كلماتٍ، غريبةً على آذانِنا، مثل: صوموا، توبوا، امتنعوا عن كذا وكذا! وأن نُظهر وجهَهُ الصّحيحَ أمام الله ونفسنا، وذلك بعيشة لائقة، مُرضية، إذ ما خُلِقنا فقط للأفراح الدُّنيويّة والملاذ العابرة، الزّائلة، والّتي لا تترُكُ وراءها سوى المرارة وخيبة الأمل، وإنّما للاشتراك في بناء هذا العالم من جديد، الّذي أحدثت فيه الخطيئة الأصلية خراباً كبيراً، فتقع على عاتق كلِّ واحدٍ منّا، مُهمَّةُ إصلاح جزءٍ من هذا الخراب.

وهذا هو الوقت المناسب والمقبول عند الله، أن نأخذ مهمَّتنا مأخذ الجد، إذ هذا هو الوقت الّذي نقدر أن نستغلَّه لإصلاح نفوسنا وحمايتها.

إذا أردتَّ أن تُصلح العالم، فعليك أن تبدأ بإصلاح نفسِكَ أوَّلا.

رغم ضُعفنا أمام قوّة الشّر، إلا أنَّ الله أعطانا القوّة لنصنع الخير، ونقف بوجه الشّر.

وهذا ممكن، إذا ما قمنا بأعمال الرحمة والتوبة والصلاة والحسنة، التي تُوصي الكنيسة بمُمارستها في هذا الوقت.

نحن نقع في الخطيئة ونسير على طُرُقٍ مُعَرْوَجة: إنّي أعمل ما لا أريد، قال بولس.

لذا فنحن نحتاج إلى التوبة والنّدم، وهذه الأربعين يوما هي للتوبة والنّدم، الفردي والجماعي في الكنيسة.

كلّ ممنوع مرغوب، قال المثل.

لكن هذا هو الوقت ليبقى الممنوعُ ممنوعا، لا للمنع بالذات ولكن كتضحية والتّسلُّط على الذّات وتقوية الإرادة.

لا تصوموا كالمرائين، فهم يريدون ـن يُظهروا للناس أنهم صائمون ( متى ٦ / ١٦-١٨ ).

حسب الموقف الشخصي من الصوم، أفهم بالتّالي من أنا وإلى أيِّ مدى، أقدر أن أُضحّي بالشهوات والميول الشرّيرة في حياتي، فأُصلِحُها.

هذا هو الوقت الذي تُقدِّمه لنا الكنيسة لتحسين حياتنا. آمــــــــــــين.



/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.