HTML مخصص
08 Mar
08Mar

نجد القصة التي يرويها يسوع (لوقا ١٥ / ١١ – ٣٢)، ولها عدة مسميات: كالابن الشاطر او الضال او التائب او الاب الرحوم، اشخاصا مهمين هم، اولا: الاب الرحوم، ثم الابن الاصغر التائب، ثم الابن الاكبر: الغاضب على اخيه والناقم على ابيه الطيب،نحن في منتصف زمن الصوم الكبير.

تختار الكنيسة من الانجيل مثل الابن الشاطر او الضال، لتعلمنا مفهوم الخطيئة والتوبة والمصالحة من فم المعلم الالهي الرب يسوع، هذه خطيئة الإبن الضال ولكل إنسان ضائع هو التعلق بالذات وخيرات الدنيا، مع نسيان معطيها الذي هو الله.

هذا فعل خيانة في مفهوم الكتاب المقدس.

والخطيئة هي كسر الشركة مع الله ونعمته ودفء محبته، والعيش خارج دائرة الاتحاد به والوعي لِكلامه، واهمال وصاياه وتجاهلها ومخالفتها، والتمتع بحرية تتفلّت من كل القيود، وهي في الحقيقة حرية كاذبة، الخطيئة في اساسها هي الاستغناء عن الله ، عن كلامه وعن وصاياه ونعمه ومحبته وعنايته.

هذا الاستغناء هو انجراف وراء شهوات العالم ، شهوة الجسد وشهوة العين وكبرياء الحياة.

زمن الصوم يقدّم لنا المناسبة والوسائل للخروج من الانجراف فيها، وللانتصار عليها.

هذه التجارب الثلاث جرّب بها ابليس( الشيطان )الرب يسوع، اثناء صيامه اربعين يوماَ في البريّة، وانتصر عليها يسوع بقوة كلام الله.

قرّر الابن الضال ان يرجع إلى أبيه ، ابتداء بِفحص الضمير، وهو الدخول الى اعماق الذات، والوقوف امام حضرة الله، وحقيقته ووصاياه وتعليمه، وسماع صوته.

فالضمير هو صوت الله في اعماق الانسان. يدرك الخاطي عندئذٍ انه على خطأ، ويستعرض خطاياه.

بالاسف والندامة يشعر بهما التائب في هذه الوقفة الوجدانية، ويرى ذاته مضطراً، لكي يعيش بسلام وسعادة، الى اصلاح واقعه.

فيقرّر التغيير وينفّذ قرارهُ ، يَقوم ويرجع الى أبيهِ.

انه قرار الخروج من الحالة الشاذّة المميتة والضائعة، وقطع اسبابها وظروفها.

ينفّذ التائب قراره ويمشي نحو الله، ويكسر علاقته بالماضي: الاعتراف لله بالذنوب، الغاية منه ادراك الاخطاء، والوقوف بتواضع وانسحاق قلب امام عظمة قداسة الله وعدله، وحقارة الانسان ومحدوديته وسرعة عطبه.

التوبة، هي اجراء تغيير في الاتجاه على طريق الحياة، والسير عكس التيار الذي هو اسلوب منحرف.

التائب الحقيقي يتطلّع الى اعلى درجة من الحياة المسيحية، ويلج الى عمق كلمة الانجيل، الذي هو يسوع المسيح.

شخص يسوع هو هدف التائب وطريقه نحو الحياة، يستنير بكلامه ويتقوى بنعمته.

ليست التوبة مجرد قرار اخلاقي لتصحيح المسلك، بل هي في جوهرها خيار ايمان:"توبوا وآمنوا بالانجيل" ( مرقس ١ / ١٥).

التوبة هي الايمان بكلمة الله بالانجيل.

لا تقف التوبة عند حدود لحظة الاعتراف، بل تشمل كل الحياة اليومية القائمة على اساس: "توبوا وآمنوا بالانجيل".

نحن مدعوون كل يوم للعيش تحت نظر يسوع المسيح وبالثقة الكاملة به والالتزام مثله بتتميم ارادة الآب السماوي الـقـُدُّوس ، في كل الظروف.

التوبة فعل تواضع.زمن الصوم هو بمثابة رياضة روحية كبيرة لكلمة الرب بالانجيل.

ولهذا السبب تُنظم رياضة اسبوعية في كل رعية. آمــــــــــــين.



/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.