كان لقاء يسوع الرجل الأعمى محور كلمة البابا فرنسيس اليوم السبت إلى أعضاء جمعية Voir Ensemble.
وشدد قداسته على أن يسوع يدعونا إلى نظرة مختلفة إلى الأشخاص والأشياء، وعلى ضرورة أن نكون شهودا ليسوع ولعمل الله.
استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت في القصر الرسولي أعضاء جمعية Voir Ensemble "الرؤية معا"، والتي تجمع الكثير من فاقدي أو ضعيفي البصر والذين، وحسب ما ذكر الأب الأقدس في بداية كلمته إلى ضيوفه، يريدون السير معا من أجل أن يعيشوا في أخوّة فرح الإنجيل.
ووصف البابا حج أعضاء الجمعية إلى روما بعلامة للمشاركة الكاملة للمؤمنين الذي يعانون من حالات إعاقة في الشركة مع الكنيسة.
ومن هذا المنظور قال الأب الأقدس إنه يريد ان يتقاسم مع ضيوفه تأملا قصيرا انطلاقا من الإنجيل والذي يروى لنا فيه القديس يوحنا لقاء يسوع رجلا أعمى منذ مولده.
وبدأ البابا فرنسيس تأمله متوقفا عند أول ما نلحظه في هذا اللقاء، ألا وهو أن نظرة يسوع تسبقنا، هي نظرة تدعو إلى اللقاء وإلى الفعل، إلى الحنان والأخوّة. وتابع البابا أن هذا الرجل الأعمى لم يسأل يسوع شيئا، بل يسوع هو مَن رأى فيه أخا في حاجة إلى التحرر والخلاص.
وشدد الأب الأقدس على أن الرب يدعونا إلى إنماء الحنان وأسلوب اللقاء.
أما التلاميذ والذين كانوا مع يسوع، واصل البابا فرنسيس، فقد كانوا متوقفين عند النظرة التي كانت في تلك الفترة للأشخاص الذين وُلدوا عميانا، فقد كانوا يُعتبرون أشخاصا وُلدوا في الخطيئة يعاقبهم الله، كان هؤلاء سجناء نظرة إقصاء.
ثم توقف قداسة البابا في كلمته عند ثقافة الأحكام المسبقة، وقال إن هذا أسلوب للنظر يرفضه يسوع بشكل قاطع.
فحين سأله التلاميذ إن كان هذا الرجل الأعمى مَن خطئ أم كانا والداه حتى وُلد أعمى، أجابهم يسوع "لا هذا خَطِئَ ولا والِداه".
وأضاف البابا أن هذه كلمة تحرير واستقبال وخلاص، وتابع أننا نعتاد اليوم ومع الأسف على لمس ظاهر الأشياء فقط، جوانبها الأكثر سطحية، وتَعتبر ثقافتنا أن الأشخاص جديرون بالاهتمام على أساس مظهرهم الجسدي، ما يرتدون من ملابس، منازلهم الجميلة، سياراتهم الفاخرة، مكانتهم الاجتماعية وثرائهم. ثم تابع أن الإنجيل يعلمنا في المقابل أن الشخص المريض أو المصاب بإعاقة يمكن أن يكون بضعفه ومحدوديته في مركز اللقاء، اللقاء مع يسوع، لقاء يقود إلى انفتاح على الحياة والإيمان ويمكنه أن يؤسس علاقات أخوّة وتضامن في الكنيسة وفي المجتمع.
نقطة أخرى في تأمل البابا فرنسيس انطلقت من قيام المسيح بأعمال الله لهذا الرجل مانحا إياه البصر، حيث اقترب منه وطلى عينيه بالطين ثم أرسله إلى بركة سلوام ليغتسل.
وقال البابا إن قلب يسوع لا يمكنه أن يكون غير مبال أمام المعاناة، يدعونا يسوع إلى العمل على الفور، إلى تعزية اخوتنا وتخفيف ومداواة جراحهم. وشبه الأب الأقدس في هذا السياق الكنيسة بمستشفى ميداني حيث هناك الكثير من الأخوة والأخوات الذين هم في حاجة إلى يد ممدودة لمداواة جراحهم.
وتابع البابا فرنسيس متحدثا عما وصفها بمفارقة، فهذا الرجل الأعمى بلقائه المسيح، نور العالم، أصبح قادرا على الرؤية، بينما من يرون يظلون ورغم لقائهم يسوع عميانا.
وشدد الأب الأقدس على أن يسوع يدعونا إلى تجديد نظرتنا للأشخاص والأشياء، يقترح علينا رؤية جديدة لعلاقاتنا مع الآخرين وخاصة في العائلة، لضعفنا البشري، للمرض وللموت.
يدعونا إلى نرى كل هذا بنظرة الله. وأضاف الأب الأقدس أن الإيمان لا يقتصر على قناعات نظرية، تقاليد وعادات، بل هو رباط، ومسيرة على خطى يسوع تجدد أسلوب رؤيتنا للعالم والأخوة.
ومن هذا المنطلق شدد البابا فرنسيس في ختام كلمته إلى أعضاء جمعية Voir Ensemble على أننا كمسيحيين لا يمكننا أن نكتفي بأننا أُنرنا، بل علينا أن نكون شهودا للنور.
وعاد البابا هنا إلى كلمات الرجل الأعمى: "أعلَمُ أَنِّي كُنتُ أَعْمى وها إِنِّي أُبصِرُ الآن"، وهكذا، قال الأب الأقدس، صار الرجل شاهدا ليسوع ولعمل الله، عمل الرحمة والمحبة الذي يهب الحياة.
وأكد البابا فرنسيس على أننا نحن أيضا مدعوون إلى الشهادة ليسوع في حياتنا من خلال أسلوب الاستقبال والمحبة الأخوية.
المصدر : فاتيكان نيوز