HTML مخصص
02 Apr
02Apr
إعلان خاص



عظة الكاردينال رانييرو كانتالاميسا

"إن كان هناك عطيّة أو موهبة خاصة بها يجب على الكنيسة الكاثوليكية أن تعززها لصالح جميع الكنائس، فهي موهبة الوحدة".

هذا ما قاله واعظ القصر الرسولي الكاردينال رانييرو كانتالاميسا في عظته في رتبة سجدة الصليب.


ترأس قداسة البابا فرنسيس عند الساعة السادسة من مساء الجمعة رتبة سجدة الصليب في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان لمناسبة الجمعة العظيمة، وتخللت الرتبة عظة ألقاها الكاردينال رانييرو كانتالاميسا واعظ القصر الرسولي وقد استهلها بالقول في الثالث من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وقّع الأب الأقدس على قبر القديس فرنسيس في أسيزي رسالته العامة حول الأخوَّة "Fratres omnes".

وفي وقت قصير، أيقظت في كثير من القلوب التطلع إلى هذه القيمة العالمية، وسلطت الضوء على الجراح العديدة التي تعرضت لها في عالم اليوم، وأشارت إلى بعض الطرق للوصول إلى أخوَّة إنسانية حقيقية وعادلة، وحثت الجميع - الاشخاص والمؤسسات – على العمل من أجلها.


تابع الكاردينال كانتالاميسا يقول إن الرسالة العامة موجهة إلى جمهور واسع جدًا، داخل الكنيسة وخارجها: عمليًّا، إلى البشرية جمعاء. وتطال العديد من مجالات الحياة: من الخاص إلى العام، ومن الديني إلى الاجتماعي والسياسي. وبالنظر إلى أفقها العالمي، فهي تتجنب - وبحق - حصر المناقشة في ما هو مناسب وحصري للمسيحيين. ولكن، في نهاية الرسالة العامة، هناك فقرة يتم فيها تلخيص الأساس الإنجيلي للأخوَّة في بضع كلمات نابضة بالحياة وتقول: "آخرون يشربون من مصادر أخرى. بالنسبة لنا، يكمن مصدر الكرامة الإنسانية والأخوَّة في إنجيل يسوع المسيح. ومنه تنبع للفكر المسيحي وعمل الكنيسة الأسبقية المعطاة للعلاقة، واللقاء مع السر المقدس للآخر، والشركة الشاملة مع البشرية جمعاء كدعوة للجميع". يحثنا السر الذي نحتفل به على التركيز بدقة على هذا الأساس الكريستولوجي للأخوَّة، لأنها قد دُشِّنت على الصليب.


أضاف واعظ القصر الرسولي يقول في العهد الجديد، تعني كلمة "أخ"، بالمعنى الأساسي، الشخص المولود من الأب عينه والأم عينها. في المقام الثاني، تُطلق تسمية "إخوة" على الذين ينتمون إلى نفس الشعب والأمة. لذلك يقول بولس إنه على استعداد لأن يصبح محرومًا، منفصلاً عن المسيح، لصالح إخوته حسب الجسد، الذين هم بني إسرائيل. من الواضح في هذه السياقات، كما في حالات أخرى، تشمل تسمية "إخوة" رجال ونساء، إخوة وأخوات. في اتساع الأفق هذا، نصل لندعو كل إنسان أخًا لنا، لكونه كذلك. إنَّ الأخ هو ما يسميه الكتاب المقدس "القريب". وبالتالي "من يبغض أخاه ..." تعني: من يُبغض قريبه. وعندما يقول يسوع: "كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه"، فهو يعني كل إنسان يحتاج إلى مساعدة. ولكن إلى جانب كل هذه المعاني القديمة والمعروفة، لكنَّ كلمة "أخ" في العهد الجديد تشير بوضوح أكثر فأكثر إلى فئة معينة من الأشخاص. الإخوة فيما بينهم هم تلاميذ يسوع الذين يقبلون تعاليمه. "مَن أُمِّي ومَن إِخوَتي؟ ... مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات هو أَخي وأُختي وأُمِّي".


تابع الكاردينال كانتالاميسا يقول في هذا الخط، يمثل عيد الفصح مرحلة جديدة وحاسمة. وبفضله يصبح المسيح "بكرًا بين إخوة كثيرين"، ويصبح التلاميذ إخوة بمعنى جديد وعميق: فهم لا يشاركون فقط في تعليم يسوع، وإنما روحه أيضًا وحياته الجديدة كقائم من بين الأموات. من المهم أنه بعد قيامته فقط، ولأول مرة، دعا يسوع تلاميذه "إخوة" عندما قال لمريم المجدليّة: "اذَهبي إِلى إِخوَتي، فقولي لَهم إِنِّي صاعِدٌ إِلى أَبي وأَبيكُم، وإِلهي وإِلهِكُم". ونقرا في الرسالة إلى العبرانيين: "لأَنَّ كُلاًّ مِنَ المُقَدِّسِ والمُقَدَّسينَ لَه أَصْلٌ واحِد، ولِذلِكَ لا يَستَحْيي أَن يَدعُوَهم إِخوَةً". بعد عيد الفصح، هذا هو الاستخدام الأكثر شيوعًا لمصطلح "أخ"؛ إنه يشير إلى الأخ في الإيمان، وهو عضو في الجماعة المسيحيّة. إخوة "بالدم" في هذه الحالة أيضًا، وإنما دم المسيح! وهذا ما يجعل الأخوة في المسيح شيئًا فريدًا ومتساميًا، نسبة إلى أي نوع آخر من الأخوة ويرجع ذلك إلى حقيقة أن المسيح هو أيضًا الله. فهي لا تحل محل أنواع أخرى من الأخوّة التي تقوم على أساس الأسرة أو الأمة أو العرق، ولكنّها تتوِّجها. جميع البشر إخوة لكونهم قد خُلقوا من الله والآب عينه. إلى هذا يضيف الإيمان المسيحي سببًا حاسمًا ثانيًا. نحن إخوة ليس فقط عن طريق الخلق، وإنما أيضًا بالفداء؛ ليس فقط لأننا نملك الآب عينه، وإنما لأننا نملك جميعًا الأخ عينه، المسيح، "البكر بين إخوة كثيرين".


أضاف واعظ القصر الرسولي يقول في ضوء هذا كلِّه، يجب علينا الآن أن نقوم ببعض التأملات الحالية. تُبنى الأخوة بالبدء بمن هو قريب، بنا، وليس بخطط كبيرة، وأهداف طموحة ومجردة. هذا يعني أن الأخوَّة الشاملة تبدأ، بالنسبة لنا، بالأخوة في الكنيسة الكاثوليكية. أترُك جانباً، ولو لمرة واحدة، الدائرة الثانية أيضاً وهي الأخوّة بين جميع المؤمنين بالمسيح، أي الحركة المسكونية. إنَّ الأخوَّة الكاثوليكية مجروحة! لقد تمزق ثوب المسيح بسبب الانقسامات بين الكنائس. لكن - ما لا يقل خطورة - غالبًا ما يتم تقسيم كل قطعة من الثوب بدورها إلى قطع أخرى. أتحدث بالطبع عن العنصر البشري فيه، لأنه لن يتمكن أي شخص على الإطلاق من تمزيق رداء المسيح الحقيقي، جسده السرّيّ الذي يحركه الروح القدس. إنَّ الكنيسة في عيني الله هي "واحدة مقدّسة جامعة رسولية" وستبقى كذلك حتى نهاية العالم. ومع ذلك، فإن هذا لا يبرر انقساماتنا، بل يجعلها مذنبة أكثر وعليه أن يدفعنا بقوة أكبر لمعالجتها.


تابع الكاردينال كانتالاميسا يقول ما هو السبب الأكثر شيوعًا للانقسامات بين الكاثوليك؟ ليست العقيدة، وليست الأسرار والخدمات: جميعها أشياء نحافظ عليها كاملة وبإجماع بنعمة الله الفريدة. إنه الخيار السياسي، عندما يسيطر على الخيار الديني والكنسي ويتبنى إيديولوجيا معيّنة وينسى بشكل كامل قيمة وواجب الطاعة في الكنيسة. هذا هو، في بعض أنحاء العالم، العامل الحقيقي للانقسام، حتى لو تم السكوت عنه أو إنكاره بازدراء. أنها خطيئة بالمعنى الدقيق للكلمة. هذا يعني أن "ملكوت هذا العالم" قد أصبح في قلبنا أكثر أهمية من ملكوت الله. وبالتالي أعتقد أننا جميعًا مدعوون لكي نقوم بفحص ضمير جاد في هذا الشأن ولكي نرتدَّ. هذا هو بامتياز عمل الذي يُسمى "diabolos"، أي الذي يقسم، العدو الذي يزرع الزؤان، كما يصفه يسوع في المثل. علينا أن نتعلم من الإنجيل ومن مثال يسوع. لقد كان هناك استقطاب سياسي قوي حوله؛ وكان هناك أربعة فرق: الفريسيون، الصدوقيون، الهيرودسيون، والغيورون. لم يقف يسوع إلى جانب أي منهم وقاوم بشدة محاولة جره إلى جانب أو إلى آخر، وقد تبعته الجماعة المسيحيّة الأولى بأمانة في هذا الخيار. هذا مثال خاص للرعاة الذين يجب عليهم أن يكونوا رعاة للقطيع كله، وليس لمجرد جزء منه. لذا فهم أول من يجب عليهم أن يقوموا بفحص ضمير جاد ويسألوا أنفسهم إلى أين يقودون قطيعهم: إن كان صوبهم أو صوب يسوع. يعهد المجمع الفاتيكاني الثاني إلى العلمانيين بشكل خاص بمهمة ترجمة الإرشادات الاجتماعية والاقتصادية وسياسات الإنجيل إلى خيارات مختلفة، طالما أنها تحترم الآخرين الدوام وهي مسالمة.


وختم الكاردينال رانييرو كانتالاميسا واعظ القصر الرسولي عظته بالقول إن كان هناك عطيّة أو موهبة خاصة بها يجب على الكنيسة الكاثوليكية أن تعززها لصالح جميع الكنائس، فهي موهبة الوحدة. لقد جعلتنا زيارة الأب الأقدس الأخيرة إلى العراق نلمس لمس اليد ماذا يعني بالنسبة للمُضطهدين أو الذين نجوا من الحروب والاضطهاد، أن يشعروا بأنهم جزء من جسد عالمي، مع شخص يمكنه أن يُسمِعَ العالم صرختهم ويولِّد فيهم الرجاء من جديد. مرة أخرى تحققت وصية المسيح لبطرس: "ثبت إخوتك". إلى الذي مات على الصليب " لِيَجمَعَ شَمْلَ أَبناءِ اللهِ المُشَتَّتين" (يوحنا ١١، ٥٢) نرفع، في هذا اليوم، "بقلب الصلاة التي توجهها الكنيسة له في كل قداس قبل المناولة: "أيُّها الربُّ يسوع، يا من قُلتَ لرسلكَ: "السَّلام أستودعكم، سلامي أمنحكم"، لا تنظرْ إلى خطايانا بل إلى إيمانِ كنيستِكِ وتنازلْ وأولِها الوحدةَ والسَّلامَ بحسبِ مشيئتك. أنتَ الحيّ المالك إلى دهرِ الدهور. آمين".


المصدر : فاتيكان نيوز

Social media khoddam El rab


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.