HTML مخصص
26 Feb
26Feb

وقفت “أستير” الطفلة الصغيرة الَّتي كانت تواظب على حضور مدرسة الأحد وقراءة الإنجيل منذ نعومة أظافرها - وقفت مع أبيها على محطَّة القطار في إنتظار أحد الأقارب قادمًا من بعيد.

وأثناء إنتظار القطار، مرَّ رجلُ مربوط “بالكلبشات” في يديه مع البوليس.

فسألت أستير أبيها :

"بابا.. لماذا هذا الرجل مربوط هكذا؟"


فأجاب الأب :

"لأنَّه مجرم".


سألت أستير الأب مرَّة أخرى :


"ماذا يعني مجرم يا بابا؟"


فقال الأب :

"يعني إنسان مُتَّهم، إنسان شرِّير، ربَّما يكون قاتل أو لص أو تاجر مخدَّرات أو مُعتدي أو إرهابي".


تركت أستير يد أبيها، وبسرعة، وببراءة الأطفال ذهبت إلى الرجل المربوط “بالكلبشات”، وقالت له بصوت رقيق هادئ مُحِبّ :

" يا عمّ يا مجرم.. يسوع يحبّك".


إنتهرها الرجل، وظلّ يصرخ في وجهها ويشتمها.

ولكن أستير كرَّرت العبارة نفسها :

" يا عمّ يا مجرم، يسوع يحبّك”، عدّة مرّات.

ورجعت مرَّة أخرى بين يدَي أبيها.


ولمَّا سألها أبوها عمَّا فعلته، قالت له أستير :


تعلّمتُ في مدرسة الأحد أنَّ الربّ يسوع لا يُحِبّ الأبرار اللطفاء فقط، لكنّه أيضًا يحبّ المجرمين الأشرار، فأردتُ أن أخبره بهذا الخبر السارّ : أنَّ الربّ يسوع يحبّه ولا سيَّما وهو في هذه الحالة الصعبة".


إنتهت رحلة السجين، وبينما هو في الزنزانة يتذكَّر كلّ ماضيه التعيس وما فعله به البشر وما فعله هو بالبشر، أخذ يردِّد :

" كلّ الناس خائنين، كما أنّي أنا أيضاً خائن.. لا أحد يحبّني، لا أحد يهتمّ بي، ولا يوجد شيء في الحياة يستحقّ الحياة.. الحياة كلّها ظلام وإنتقام، لا يوجد أيّ نور أو سلام أو محبّة في هذه الحياة الرديئة".


وبينما هو يندب حظّه العاثر، شاعرًا بالذنب الشديد، وبالرغبة الجامحة في إنتقاد الآخرين، فجأة، وفي ظلام الليل والوحدة والسجن، دوّى صوت الطفلة الَّتي تحدَّثَت إليه على المحطّة أثناء ترحيله، ودوَّى في داخله بصوتٍ عالٍ جدًّا هَزَّ كلّ كيانه، الكلام الَّذي قالته أستير :

"يا عمّ يا مجرم، يسوع يحبّك.. يا عمّ يا مجرم، يسوع يحبّك".


وبينما هو يتلذَّذ بتكرار هذه العبارة في داخله، تذكَّر كلّ ما سمعه عن المسيح في صباه في مدرسة الأحد؛ عن حياة المسيح ومعجزاته وحنانه وصليبه وموته وقيامته وظهوره للتلاميذ.

وعندها صرخ بصوت عظيم من أعماق قلبه :

" يا يسوع، يا من تحبّ إنسانًا مجرمًا نظيري، أظهر ذاتك لي!".


وإذ بنور سماويّ يُنير ظلمة نفسه، وسلام الله الَّذي يفوق كلّ عقل يغمر أعماقه.

فطلب الكتاب المقدَّس، الَّذي صار رفيقه طوال فتره سجنه، يوضِّح له كيف أنَّ الربّ يسوع يحبّه وسيظلّ يرعاه.




"وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا."

(رو ٥: ٨)



#خبريّة وعبرة
خدّام الربّ ®

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.